أخبار العالمخبر عاجل

ميانمار.. المسيَّرات تثبت جدارتها في القتال ضد جيش بورما الوحشي

التكنولوجيا سيدة الموقف.. وضربات دقيقة موجهة.. وتنسيق وتعاون كامل بين المقاتلين

إعلان

ترجمة وإعداد – شريف ربيع

ذكرت صحيفة “الجارديان” البريطانية -على لسان عكاش حسن المواطن الميانماري وأحد المقاتلين ضد القوات المسلحة البورمية: “لقد قتلنا الكثير، الطائرات بدون طيار هي قوتنا الجوية”.

وأضافت “الجارديان”: أثبت سرب الطائرات بدون طيار الذي يستخدمه مقاتلو ميانمار أنه حاسم في النضال ضد الحكومة العسكرية الوحشية في ميانمار؛ فبحسب عكاش حسن: “بينما كانت الطائرات بدون طيار تحلق بصمت فوق تلال تشين في غرب ميانمار، لم يكن المجلس العسكري يعرف ما الذي كانت على وشك ضربه، وكان مشغلوها مختبئين على بعد بضع مئات من الأمتار في الغابة الكثيفة، وأشارت الصور التي ظهرت على شاشاتهم إلى أن أسطول الطائرات بدون طيار كان يحوم فوق الهدف تمامًا؛ وهو قاعدة عسكرية رئيسية في بلدة ليلينبي، ضغطوا على الزر الموجود على وحدات التحكم الخاصة بهم وبدأت القنابل تتساقط على القاعدة”.

ضرباتٌ دقيقة

أما نوح، 20 عامًا، وهو أحد مقاتلي الطائرات بدون طيار، وأحد المتخصصين في جيش تشين الوطني – إحدى الجماعات العرقية التي تقاتل جيش ميانمار منذ ما يقرب من ثلاث سنوات: “لقد وجهنا ضربات دقيقة”، و”لقد فاجأتهم، وقد قتلنا الكثيرين، بما في ذلك الرجل الثاني في قيادة القاعدة”.

وأضاف نوح أنه بعد ثلاثة أيام من القتال رفع المقاتلون علمهم ثلاثي الألوان فوق القاعدة وهتفوا بشعارات النصر.

وأردف مقال “الجارديان” أنه في الحرب الدموية بين المجلس العسكري -الذي أطاح بالحكومة المنتخبة ديمقراطيًّا بقيادة أونغ سان سو تشي، واستولى على السلطة في انقلاب فبراير 2021، والجماعات المسلحة التي تقاتل لاستعادة الديمقراطية- منذ ذلك الحين حدث تحول كبير؛ فالآن فقد المجلس العسكري السيطرة على أكثر من 50% من البلاد، وفي ولاية تشين المتاخمة للهند تقول قوات المقاتلين التابعة لجيش التحالف الوطني إنها تمكنت من استعادة 70% من الإقليم، بما في ذلك خمس قواعد عسكرية رئيسية.

وتابع المقال: يقولون إن سر انتصاراتهم الأخيرة هو أسطول جديد من الطائرات بدون طيار، وجيش من الجنود -الذين كان معظمهم ذات يوم من المدنيين العاديين- الذين أمضوا أكثر من عام في التدريب على تشغيلها.

من جهته، قال رام كوله كونغ، الأمين العام المساعد لـ”CNA”: “لقد كانت الطائرات بدون طيار أساسية لنجاحنا”. و”الهجمات -مثل التي وقعت في ليلينبي- نُفذت بعد أشهر من التخطيط والتدريب”.

وأردف أنه منذ استيلاء الجيش -المعروف باسم تاتماداو- على السلطة، أشرف على حملة قمع وحشية في جميع أنحاء البلاد. وقد وجهت تهم لجنوده بالاعتقالات التعسفية والتعذيب والقتل الجماعي والاغتصاب والانتهاكات التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وفقًا لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، ويوجد أكثر من 4000 مدني قتلوا في هذا الصراع منذ الانقلاب.

وتابع أن أحد جيوش المقاتلين الآن لديها قسم مخصص للطائرات بدون طيار، أنشئ منذ أكثر من عام، وتعلم جنوده تشغيل التكنولوجيا غالبًا عبر تلقي دروس علمية في موقع “YouTube”. و”يتكون قسم الطائرات بدون طيار من مقاتلين شباب ماهرين، بعضهم كانوا طلاب كلية الهندسة، وبعضهم اكتسبوا المعرفة بالطائرات بدون طيار كهواية ومتابعة البرامج التي تتحدث عنها”. و”يعتمد القسم أيضًا بشكل كبير على الإنترنت لرفع مستوى المهارات وتدريب المزيد من الأشخاص”. مؤكدًا أن التكنولوجيا تقلب الطاولة، لكن شراء الأسلحة والطائرات بدون طيار ليس سهلًا.

بينما أشار قادة عسكريون إلى أن معظم المعدات العسكرية كانت تأتي عبر الحدود الميانمارية مع الصين وتايلاند وليس عبر الهند التي كانت تفرض رقابة شديدة على أي نوع من تدفق الأسلحة.

ميزةٌ كبرى

في حين قالت بيوتي زيلينبار، 21 عامًا، مقاتلة في جيش تشين الوطني: “حتى وقت قريب، كان الجيش يتمتع بميزة كبرى تتمثل في قوة جوية عالية التقنية، التي استخدمها لتنفيذ مئات الغارات الجوية القاتلة، والتي غالبًا ما تستهدف مناطق المقاومة؛ أسفرت عن قتل الآلاف، ورغم ذلك فإن أسطول الطائرات المقاتلة مكلف بالنسبة للمجلس العسكري من أجل صيانته وتشغيله، ويثبت باستمرار أنه أكثر تطورًا من الطائرات بدون طيار التي يستخدمها المقاتلون؛ فقد صُنعت بتكلفة زهيدة، ويستخدمونها ضد المناطق التي يسيطر عليها الجيش”.

على الجانب الآخر اعترف زاو مين تون، المتحدث باسم المجلس العسكري، بأنهم كانوا يواجهون هجمات عنيفة، وأن هؤلاء المقاتلين كانوا يستخدمون طائرات بدون طيار لإسقاط مئات القنابل على المواقع العسكرية.

وقال مسؤولون بالجيش الهندي: “إن معظم المواقع الحدودية على الجانب الميانماري إما اجتاحها المقاتلون أو أصبحت مهددة”. و”خلال الشهرين الماضيين، فر أكثر من 400 جندي من جيش ميانمار عبر الحدود إلى ولاية ميزورام الهندية في أعقاب هجمات لهؤلاء المقاتلين”.

لقد نجحت تكنولوجيا الطائرات بدون طيار خلال القتال لدرجة أن المجلس العسكري بدأ أيضًا في استخدام طائرات تجارية بدون طيار لتنفيذ هجمات، لكنه افتقر إلى التدريب اللازم لاستخدامها بكفاءة مثل هؤلاء المقاتلين.

وقال أنجشومان تشودري، محلل عسكري وباحث مشارك في مركز أبحاث السياسات بدلهي: “لقد أحدث استخدام الطائرات بدون طيار تحولًا جذريًّا في ساحة المعركة بميانمار”. “إنها تسد الفجوة الكبيرة بين قدرات المقاتلين والجيش، لكنها قلصتها بنسبة كبيرة”.

وأضاف تشودري: الآن يُراقَب ضباط المجلس العسكري سريًّا، ويمكن مهاجمتهم من الجو في أي وقت وأي مكان؛ وهو أمر لم يكن من الممكن تصوره على الإطلاق قبل الانقلاب. لافتًا إلى أن الطائرات بدون طيار خلقت شعورًا بالخوف بين صفوف المجلس العسكري من أنهم يخضعون للمراقبة السرية ويمكن مهاجمتهم من الجو في أي وقت وأي مكان.

وعزت قيادة التحالف الوطني النجاحات الأخيرة التي حققتها قوات المقاومة إلى التحالف والتعاون، وزيادة التنسيق بين مختلف مجموعات الأقليات العرقية المسلحة التي تقاتل ضد المجلس العسكري في جميع أنحاء ميانمار، والتي لم تكن تعمل دائمًا في الماضي بانسجام بسبب اختلاف الأولويات والاقتتال الداخلي.

وفي أواخر شهر أكتوبر الماضي أطلقت ثلاث جماعات مسلحة “العملية 1027” لمواجهة قوات المجلس العسكري في ولاية شان بالقرب من حدود ميانمار مع الصين؛ ولتعزيز الزخم الشعبي وراء الهجوم دعمت الجماعات المسلحة الأخرى -بما في ذلك “جيش أراكان” و”CNA”- العمليةَ من مناطقها الخاصة؛ ونتج عن ذلك السيطرة على عدة بلدات وأكثر من 100 نقطة عسكرية من المجلس العسكري.

وخلال الأسبوع الماضي، أعلن الجيش وتحالف من الجماعات المقاتلة وقف إطلاق النار بوساطة صينية على طول حدود ميانمار مع الصين ورغم ذلك لم تكن قوات التحالف الوطني طرفًا فيها، وأخبر القادة المراقبين بأنهم لن يلتزموا بها في ولاية تشين؛ وهو ما اعتبره خبراء علامة على الضعف المتزايد للمجلس العسكري.

وفي المقر الرئيس لمعسكر فيكتوريا، يشارك في كل صباح مئات من الطلاب المجندين حديثًا -الذين يتلقون تدريبًا لعدة أشهر قبل إرسالهم للخطوط الأمامية- في العرض العسكري. وحتى مع ارتفاع الروح المعنوية للمقاتلين بسبب سلسلة الانتصارات الأخيرة، كشفت المقبرة القريبة المكتَشفة التي دُفن فيها أكثر من 20 مقاتلًا شابًّا، أن هذه المعركة ليست سهلة حتى الآن.

لكن مع فتح المسيرات جبهة جديدة للقتال أمام الجيش، يشعر العديد من المقاتلين بالثقة في فرص الفوز بالمعركة ضد المجلس العسكري، ومنهم سابو، ذو الـ49 عامًا، قائد في قسم الطائرات بدون طيار التابع لـ CNA؛ فقد قال: “في البداية لم نكن جيدين في استخدام المسيرات، وأخطأنا معظم الأهداف في السنة الأولى، لكن التدريب المتخصص المستمر بدأ يؤتي ثماره الآن؛ فالعديد من الهجمات البرية الناجحة الأخيرة ضد المجلس العسكري سبقتها غارات بطائرات بدون طيار قبل الفجر. مؤكدًا: “الطائرات بدون طيار هي قوتنا الجوية، وسوف ننتصر في هذه الحرب”.

مقالات ذات صلة

رأيك يهمنا شارك الان

زر الذهاب إلى الأعلى