أخبار العالمأخبار مصراقتصادتوك شوخبر عاجلسياسة

(حوار).. د. فريدة بنداري لـ “ع المكشوف”: الهدنة الإثيوبية مجرد خطوة أولى على طريق طويل نحو السلام.. والمشكلات الرئاسية لا تزال دون حل

إعلان

نائبة مدير المركز العراقي الأفريقي للدراسات الاستراتيجية ل”ع المكشوف”:
الهدنة الإثيوبية مجرد خطوة أولى على طريق طويل نحو السلام
المشكلات الرئسة لا تزال دون حل.. ولا بد من خطوات عملية متواصلة لتسويات سياسية دائمة
أعضاء منطقة أمهرة الإثيوبية استبعدوا من المحادثات.. وأفورقي يحمل ضغينة كبيرة ضد قيادة جبهة تحرير تيجراي
“تيجراي” تتعرض لضغوط شديدة.. وبقاء شعبها على المحك

حوار- شريف ربيع

تعيش القارة السمراء حالة من القلق على وقع أحداث جسام منذ نحو عامين بسبب الصراع المسلح بين جبهة تيجراي والحكومة الإثيوبية، وما نتج عنه من قتل ومجاعة ومآسٍ عديدة، تخللت تلك الفترة محاولات من عدة أطراف للوصول إلى مائدة المفاوضات وحل الأمور سلميًّا، كان آخرها اتفاق “وقف العدائيات” الأسبوع الماضي برعاية كينية في بريتوريا بجنوب أفريقيا.. من أجل ذلك كان لنا هذا الحوار مع د. فريدة بنداري، نائبة مدير المركز العراقي الأفريقي للدراسات الاستراتيجية.

• بخصوص التصالح الذى جري بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تيجراى؛ كيف ترون الوضع هناك؟
قبل أقل من ثماني وأربعين ساعة من الذكرى السنوية الثانية للصراع، جاء البيان المشترك كخطوة إلى الأمام في طريق السلام والعدالة الانتقالية، من جانبي أراه يمثل استراحة ضرورية للسكان المدنيين بعد قرابة عامين من الصراع منذ نوفمبر 2020، تسببت الحرب في نزوح أكثر من مليوني إثيوبي وغرق مئات الآلاف في المجاعة.

لكن هذا الاتفاق ليس سلامًا بعد: إنه وقف الأعمال العدائية فقط، حيث لا تزال القضايا الرئيسية دون حل، بما في ذلك مسألة الوجود الإريتري في إقليم التيجراي، فدور تلك الدولة المجاورة في اتفاق السلام غير واضح بعد انضمامها إلى الحرب من جانب إثيوبيا ، وهو ما يدعو للقلق بالنظر إلى جميع الجرائم التي ارتكبها الجنود الإريتريون في تيجراي على مدار العامين الماضيين. هل يمكن أن يكون هناك سلام بدون عدالة؟ هذا هو السؤال الذي يجب على المدنيين التيجرايين طرحه على أنفسهم هذه الأيام. هل سيعمل البيان المشترك على تحقيق سياسة عدالة انتقالية لضمان المساءلة والحقيقة والمصالحة وتضميد الجراح .

من جانب أخر هناك رؤية من الخاسر الأكبر في تلك المحادثات، وإذ تابعنا ليس من الواضح سبب موافقة جبهة تيجراي على هذه الشروط، التي وصفها كبير مفاوضيها، جيتاشيو رضا، بأنها “تنازلات مؤلمة”، إلا سبب واحد أن الأسابيع الأخيرة كانت صعبة في ساحة المعركة.

ولعل أول تعليق علني له خارج المحادثات، ردا على أسئلة من بعض التيجراي حول الاتفاقية التي يُنظر إليها كخطوة نحو الاستسلام. كتب على تويتر “نحن نقاتل ليس لأننا أمة يسعدها الزناد ولكن لأن بقاءنا كشعب على المحك”. “إذا كان اتفاق السلام يضمن بقائنا، فلماذا لا نجربه؟” أي الأمر في مرحلة التجربة من الجانب التيجراي.

كما قال ” آلان بوسويل” مدير مشروع القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية: “الهدنة تعتمد إلى حد كبير على شروط الحكومة وتعكس الضغوط الشديدة التي واجهها تيجراي”.

• هل سيكون مقدمة لبداية السلام المجتمعي هناك، وكيف ذلك، وإلى أي مدى يستمر هذا السلام؟
يعد البيان في مجمله خطوة أولى مهمة، لكنه وحده أظن لا يكفي فهناك ضرورة لعمل مزيد من التسويات السياسية الدائمة. ويؤكد رأيي مقولة المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي والرئيس النيجيري السابق ” أوباسانجو” حين قال للصحفيين في حفل التوقيع “هذه اللحظة ليست نهاية عملية السلام ولكن بدايتها، “إن تنفيذ اتفاقية السلام الموقعة اليوم أمر بالغ الأهمية لنجاح العملية”.

إن الجدول الزمني الطموح لنزع سلاح قوات التيجراي هو نقطة ساخنة تلوح في الأفق وستختبر التزام الأطراف بالسلام، ومع ذلك، يبقى أن نراقب ما إذا كان التيجراي سيفون بوعدهم بنزع السلاح، وما إذا كان الحكومة الإثيوبية ستسهل حركة الوصول حتى تتمكن منظمات الإغاثة من تقديم المساعدة التي في أمس الحاجة إليها المدنيين.

علينا أيضًا أن نراقب تصرفات الإريتريين الذين هم طرف في الصراع ولكن لم يتم تضمينهم في اتفاق السلام. هل سيوقفون عملياتهم العسكرية؟ هل سيعودون إلى ديارهم؟
فلم يشير الاتفاق إلى إريتريا بالاسم ، ولم تكن الدولة جزءًا من المحادثاتـ وإنما أقرب نص يأتي لذكر إريتريا هو بند يلزم الجانبين بوقف “التواطؤ مع أي قوة خارجية معادية لأي من الطرفين” على الرغم من أن هذا يمكن أن يشير بالمثل إلى الحكومات الأجنبية التي يُعتقد أنها زودت متمردي تيجراي بالأسلحة. فالرئيس أسياس أفورقي، يحمل ضغينة طويلة الأمد ضد قيادة جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيجراي وقد يكون مترددًا في الانسحاب من تيجراي، وعليه فالرئيس أفورقي لديه القدرة على إفساد عملية السلام.

قضية أخرى ربما تهدد استمرار حالة السلام هذه وهي عدم مناقشة مصير منطقة تيجراي الغربية والتي أحتلتها قوات الأمهرة في الأيام الأولى للصراع ولا تزال تحت سيطرتها حتى الآن، إذ يصر سياسيو أمهرة على أن الأرض لهم حق، لكن قيادة تيجراي طالبت في السابق بإعادتها . كما نري لا تزال هناك عوائق رئيسية، وأبرزها شكل حدود تيجراي المستقبلية – وهي القضايا التي يتركها الاتفاق دون حل.

هل سيكون بداية لحد من الحلول الأفريقية الأفريقية؟ و مآلات ذلك على المشكلات الخاصة بالقارة الأفريقية؟

دعنا نتفق ان هذا البيان المشترك يعد هذا نجاحًا لرئيس الاتحاد الأفريقي والرئيس السنغالي ماكي سال والرئيس النيجيري السابق أولوسيجون أوباسانجو ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا ، الذين ساعدوا جميعًا في تحقيق السلام في إثيوبيا، والذى يعد نجاحاً للاتحاد الأفريقي في اسكات صوت البنادق في الداخل الإثيوبي.

لقد أثبت الاتحاد الافريقي جدارته وأنه قادرا على حل المشاكل الافريقية وفق شعاره أن لكل مشكلة أفريقية لها حلول أفريقية، وأضاف أن ثقة إثيوبيا بالاتحاد الأفريقي أسهم في إعادة الهيبة الأفريقية لكل من يداول القضايا المحلية خارج البيت الأفريقي.

ولكن تنفيذ تلك الصفقة و خارطة الطريق للسلام سيكون حاسما، حيث اننا رأينا في حين زعم الاتفاق أنه سيتم “نزع سلاح وتسريح وإعادة دمج مقاتلي جبهة تحرير تيجراي” ، فبعد يوم من تلاشي التصفيق في حفل التوقيع في بريتوريا، كانت مازالت طلقات المدافع تدوي فوق جبال تيجراي لتحصد 40 روح إثيوبي.

إلا ان دور دول الجوار الأفريقي مثل كينيا تحاول العمل على نجاح البيان السلامي المشترك، ففي الاتنين الموافق 7نوفمبر 2020، بدأت جولة جديدة من المحادثات بين الحكومة الإثيوبية والممثلين الإقليميين في تيجراي في نيروبي، وذلك للعمل على تفاصيل عسكرية وتفاصيل أخرى عن التوقيع الأسبوع الماضي.

ومن بين الذين قاموا بتسهيل وحضور تلك المحادثات مبعوث الاتحاد الأفريقي والرئيس النيجيري السابق أوليسيجون أوباسانجو والرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا وضباط عسكريون من نيجيريا وجنوب إفريقيا وكينيا. وتعتبر الولايات المتحدة والهيئة الحكومية الدولية الإقليمية المعنية بالتنمية مراقبين. وقال كينياتا إنهم “متفائلون للغاية في المرة القادمة التي سنكون فيها (عاصمة إقليم تيجراي) لاجتماعنا” وأن كلا الجانبين “سيحتفلان معًا في نهاية المطاف في أديس أبابا” ، عاصمة إثيوبيا.

من جهته، اعتبر رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدي بري أن توقيع الاتفاق خطوة هامة في تعزيز الاستقرار الإقليمي، معرباً عن أمله أن يكون الاتفاق دائماً.

• كيف هو الحال بالنسبة لمواجهة آبي أحمد معارضة الكثيرين في إقليم أمهرة ؟
لقد تم استبعاد أعضاء منطقة أمهرة الإثيوبية من المحادثات، الذين كانوا يقاتلون إلى جانب الحكومة الإثيوبية في الحرب ولديهم نزاع حدودي مع تيجراي. وقال ديسالين تشاني دانيو، وهو زعيم من عرق الأمهرة وعضو في البرلمان يمثل الحركة الوطنية لحزب الأمهرة، إن مجموعته أصيبت بخيبة أمل لعدم إشراكها في المحادثات. وقال إنه بينما يرحب بالصفقة، فإنه لا يزال يشعر بالقلق من أنها لم تحدد أن المناطق المتنازع عليها ، مثل ويلكايت ورايا، تنتمي إلى عرقية الأمهرة – وليس للتجراي.

وقال “أي ترتيب أو نتيجة لا تعترف بهذه الأراضي على أنها أمهرة تعني أنه لن يكون هناك سلام دائم في المنطقة”. “هذا هو خطنا الأحمر.” وواضح من لغة الجانب الأمهري التهديد والتوعد . وبينما قد يكون السيد أبي قد هزم خصومه في منطقة تيجراي ، فإنه لا يزال يواجه اضطرابات في أجزاء أخرى من البلاد مماسوف زاد من زعزعة الاستقرار في البلاد ، التي تواجه بالفعل الجفاف المدمر وتفشي الأمراض.

• ومن جهة نظركم.. ما هو الحل الناجع لتلك الأزمة؟
الحرب متجذرة في المظالم القديمة بين النخب السياسية في تيجراي ومناطق أخرى، والتي تراكمت على مدى عقود من الاضطرابات وتغيير النظام العنيف والنزاعات الإقليمية بين المناطق وفترات طويلة من الحكم الاستبدادي.
ورغم ان الاتفاق نص على أن الحكومة الفيدرالية ستنفذ “سياسة عدالة انتقالية وطنية شاملة” لتقديم “المساءلة” و “الإنصاف للضحايا”. الا ان الاتفاق فشل في تقديم خارطة طريق واضحة حول كيفية ضمان المساءلة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ، ويتغاضى عن الإفلات من العقاب المتفشي في البلاد ، مما قد يؤدي إلى تكرار الانتهاكات شرق وجنوب أفريقيا.

وعليه هناك خطوات ضرورة لتحقيق سلام إيجابي أهمها: أن يأتي السلام تجسيداً للرغبة الإثيوبية الحقيقية التي ترسخ أواصر السلام بين الشعوب الإثيوبية وأن تعمل الامة في بناء وطنها وتنبذ الكراهية والعرقية التي تعرقل عملية السلام الايجابي في البلاد.

وسد الثغرات أمام التدخلات الخارجية. وضمان المساءلة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

 

مقالات ذات صلة

رأيك يهمنا شارك الان

زر الذهاب إلى الأعلى