خبر عاجلمقالات

محمد أحمد العراقي يكتب: كورونا يهدد عرش “مصنع العالم”

إعلان

بقلم: محمد أحمد العراقي

لا شك أن نموذج النهضة الصيني بات يدرس في جميع كليات الاقتصاد والإدارة على مستوى العالم, ففي العام 2011م استطاعت الصين أن تصبح أكبر منتج للبضائع المصنعة في العالم متفوقة على الولايات المتحدة بعد أن كانت في المركز في المركز السابع عام 1980م بعد إيطاليا
ولكن حدوث كارثة فيروس كورونا مطلع العام الحالي قد يقلب الموازين رأسا على عقب، فبعد أن كانت الصين تروج لنفسها على أنها “مصنع العالم” متخذة كل السبل والوسائل لتحقيق ذلك، ومعتمدة على مبادرة الحزام والطريق التي قامت على أنقاض طريق الحرير في القرن التاسع عشر الميلادي من أجل ربط الصين بالعالم لتكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، يبدو أن الشركات الكبرى العالمية المصنعة لدى الصين ستحتاج لتغيير إستراتيجيتها، إذ إن وجود “مصنع واحد للعالم” سيعني أنه عند حدوث كارثة كفيروس كورونا فلربما يتوقف العالم عن التصنيع، ويصاب السوق العالمي بالشلل، ولربما تجد أن مراكزالأبحاث ودعم اتخاذ القرار تتحدث في الفترة القادمة عن كسر هذا الاحتكار الذي قد يضر بمصالح الشركات متعددة الجنسيات والتي اتخذت مقراتها في الصين بحثا عن ميزات قد لا تتواجد في بلد المنشأ أو أي من البلاد الأخرى
وفيما يلي تحليل سوات
SWOT analysis
لدولة الصين بوضعها الحالي، والذي يلقي بظلاله على النقطة الحاضرة مما قد يؤدي لاستشراف مستقبل التجارة الدولية ووضع الصين في هذه المنظومة
أولا: نقاط القوة
Strengths
1- الناتج المحلي الإجمالي الصيني GDP الآخذ في الازدياد في السنوات الأخيرة بمعدلات تفوق حتى التوقعات الحكومية (معدل النمو الصيني يقارب ال ٧٪ )
2- تكلفة الإنتاج المنخفضة نسبيا، فبالرغم من زيادة معدلات الأجور في الصين، إلا إنها لا زالت لديها القدرة على الإنتاج منخفض التكلفة نظرا لتوافر المواد الخام، والقدرة الكبيرة على اقتصادات الحجم economies of scale ( وتعني انخفاض متوسط التكلفة الكلية كلما ارتفع حجم إنتاج الشركة)
3- عدد السكان الضخم، وتوافر العمالة المدربة بأعداد كبيرة مما يوفر موردا بشريا ضخما يستوعب المشاريع العملاقة وينفذها في أقل وقت ممكن

ثانيا: نقاط الضعف
Weaknesses
1- القيود التي تفرضها الحكومة الصينية على الحقوق والحريات، وعدم وجود سلطة قضائية مستقلة، النقص الشديد في حقوق العمال لاسيما المهاجرين منهم فضلا عن الافتقار للحرية الدينية، وإهمال حرية الصحافة.
2_الاهتمام بقطاع الصناعة أثر بالسلب على القطاع الزراعي وإهمال الخدمات بالريف، مما أدى لهجرة العمالة للمناطق الصناعية بحثا عن فرص عمل، مما أدى لزيادة معدلات البطالة
3_وضعت الحكومة قيودا على أسعار البيوت والشقق السكنية، مما أدى لقلة الأعمال الإنشائية، وهروب رءوس الأموال والعمال من قطاع الإنشاء للبحث عن أماكن أخرى للعمل خارج الصين
ثالثا: الفرص
Opportunities
1_تعد الصين بحد ذاتها سوقا ضخما له احتياجات ومتطلبات قد توفر فرصا واعدة لأي استثمار يستهدف الداخل الصيني وبخاصة في المدن التي ازداد معدل الهجرة من الريف إليها إلى أن وصل عدد العمال المهاجرين في 2015 إلى 277.47 مليون عامل
2_التركيز على قطاع الخدمات والذي عانى من إخفاقات بسبب التركيز على القطاع الصناعي وازدياد حجم التعاملات بشكل مطرد وقلة معدلات السلامة، مما أدى لوجود فرص كبرى للاستثمار في هذا القطاع داخل الصين
رابعا المخاطر
Threats
1_تزايد النظرة السلبية للداخل الصيني، حيث ينظر المواطن من أي دولة الصين على أنها دولة ذات مناخ منغلق وحكومة شمولية تتحكم في كل شيء، وتفرض قيودا على المواطنينكسياسة الطفل الواحد والتي اضطرت الحكومة لإلغائها في 2015 والخوف من استغلال أصحاب المصانع للعمال المهاجرين وفرض أجور متدنية عليهم.
2- الحرب التجارية الشرسة بين الولايات المتحدة والصين, إذ تتعرض الشركات الأمريكية لتهديدات لإجبارها على غلق مصانعها في الصين والعودة للولايات المتحدة مرة أخرى, وحينها ستحصل على مزايا ضريبية من الحكومة الأمريكية.
3_المنافسون، وهؤلاء ينقسمون إلى قسمين:
أ.منافسون جدد: كالفلبين وفيتنام وإندونيسيا وماليزيا وتايلاند، وهؤلاء يوفرون عمالة أرخص من الصين بشكل قد يجتذب المستثمرين الراغبين في العمل بإستراتيجية الأسعار التنافسية Cost leadership (عمل منتج بنفس جودة ومواصفات المنتج المنافس ولكن بسعر أرخص)
ب.منافسون أكثر خبرة: ككوريا الجنوبية وتايوان، إلا إن هؤلاء غير قادرين نسبيا حتى الآن على منافسة الصين في اقتصادات الحجم Economies of scale
4_تزايد معدلات التلوث، حيث صار العديد من الصينيين يرتدون أقنعة حيث يمشون في الشوارع (وهذا أمر سابق لأزمة فيروس كورونا)
5_فيروس كورونا Coronavirus:
والذي بدأ ظهوره في الصين مطلع العام الجاري 2020م ، وتجاوز عدد المصابين به 70000 مصاب، والوفيات 2000 شخص وقت كتابة المقال، ويذكرنا هذا بفيروس سارس SARS الذي ظهر عام 2003م في الصين أيضا! وسط اتهامات للصينيين بعادات الأكل الغريبة والشاذة والتي يعتقد بأنها السبب في انتقال الفيروس من وسيط حيواني كالخفافيش والثعابين إلى البشر، وتزايد القلق الدولي من تلك المنطقة التي أدى انتشار الفيروس بها إلى توقف الإنتاج والتصدير في العديد من قطاعات الأعمال، فهل يكسر فيروس كورونا الاحتكار الصيني للتصنيع للغير؟ وهل يؤثر على طموحات الصين في التوسع الاقتصادي؟ هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة

مقالات ذات صلة

رأيك يهمنا شارك الان

زر الذهاب إلى الأعلى