اقتصادخبر عاجل

علي عبد النبي: كورونا يضع إدارة ترامب في مأزق أمام البطالة والتردي الاقتصادي

إعلان

بقلم د. علي عبد النبي

دفع الانتشار السريع لفيروس كورونا المستجد “كوفيد-19” عبر الولايات الأمريكية، إلى إدخال تدابير غير مسبوقة لاحتواء الوباء.

هى تدابير ذات أولوية فرضتها الحالة الصحية، والتى لا تترك مجالاً كبيراً لخيارات أخرى، حيث يجب أن تظل الصحة الشغل الشاغل.

وقد أدت هذه الإجراءات إلى إغلاق العديد من الشركات والمصانع بشكل مؤقت، وقيود واسعة النطاق على السفر والتنقل، واضطراب فى سوق المال، ولا ننسى الصدمة التى حدثت فى سوق البترول الصخرى الأمريكى.

سمعنا كلنا عن اليوم “الأسود” الذى مر على أمريكا، وهو يوم الإثنين 20 أبريل 2020، والذى انخفضت فيه أسعار البترول الصخرى الأمريكى للمرة الأولى فى التاريخ، إلى أدنى مستوى غير مسبوق، وهو بالسالب 37.63 دولاراً، بمعنى أنك تأخذ البترول وتأخذ مكافأة فى المقابل، وهى مقابل مادى مقداره 37.63 دولار على كل برميل. حيث جاء الانهيار المفاجئ لعدم وجود أماكن لتخزين البترول فى مستودعات التخزين.

أمريكا تعيش فى حالة ركود كبير، ولكنها تعتبر بمثابة صدمة مؤقتة. لكننا عندما ننظر إلى الأزمة الحالية، فمن المفترض أن يزيد دين الحكومة الأمريكية بشكل كبير، مقارنة بالناتج المحلى الإجمالى. وهذا إرث سيبقى لفترة طويلة.

في أمريكا، تعثرت جهود الإغاثة فى البداية، بسبب عدم وجود توافق في الآراء حول المفاضلة بين المحافظة على صحة وحياة العاملين وبين مصلحة رجال الأعمال والاقتصاد، بينما كان الوباء يتفشى أكثر فأكثر فى كل منطقة وزاوية فى البلاد، مشكلا صدمة اجتماعية واقتصادية، لم تشهد لها أمريكا مثيلاً من قبل، وهو ما أدى إلى تفاقم الأزمة وزيادة شدتها وحدتها.

اليوم أمريكا تتصارع مع الخسائر الكبيرة – وغير المسبوقة – التى خلفها الوباء على الاقتصاد. ففى أربعة أسابيع، قدم 22 مليون أمريكى طلبات للحصول على إعانات بطالة. وكذا حيث قدرت وزارة الخزانة الأمريكية أن البطالة يمكن أن تصل إلى 20٪.

وبصعوبة كبيرة تواجه أمريكا تفشى وباء كورونا المستجد “كوفيد-19”. فقد تسبب فى إصابة ووفاة الآلاف من الأمريكان. ويكفى أن نذكر أن عدد الوفيات فى أمريكا فى يوم واحد من الأيام الأخيرة، كان أكثر من 2000 شخص. وبذلك يكون فيروس كورونا قد أدى إلى وفاة أكثر من 67 ألف أمريكى حتى الآن.

هناك جوانب غير معلنة تسببت فى انتشار فيروس كورونا فى أمريكا، لكن مع الأيام سوف تتضح الحقيقة. والآن “ترامب أمريكا” يتهم الصين، بأنها هى مصدر فيروس كورونا المستجد، ومنشأ الفيروس هو مختبر فى مدينة “ووهان” الصينية الموبوءة. ويقول “كان يمكن بسهولة احتواء الفيروس فى مكان المنشأ”. ويتوعد “ترامب أمريكا” الصين بمزيد من المعارك الدبلوماسية والاقتصادية، ويلوح باستخدام سلاح الرسوم الجمركية العقابية.

صراع أمريكا مع فيروس كورونا كان شديد الضراوة فى عاصمة أمريكا الاقتصادية، فى مدينة نيويورك “عاصمة ولاية نيويورك”، والتى هى الأعلى فى كثافة السكان، والأكبر فى الحجم بين الولايات الأخرى، وتعتبر مركزاً تجارياً وصناعياً عالمياً، حيث تتركز فيها المؤسسات والبنوك والأماكن التجارية، وفيها أكبر مراكز التجارة والمال فى العالم، وهى أكثر المدن تقدماً فى الولايات المتحدة الأمريكية، وبها مقر الأمم المتحدة.

أهالى مدينة نيويورك الأمريكية كانوا يعتقدون أن أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001، كانت وستظل من أحلك الأيام التى مرت على المدينة، ولن تتكرر أبداً. لكن المصائب التى حلت على المدينة جراء فيروس كورونا، قد فاقت أحداث سبتمبر بكثير، فهى تعيش اليوم أياما حالكة وعصيبة. فنجد أن عدد الإصابات والوفيات فى المدينة تعتبر الأعلى على المستوى العالمى. تسلل الوباء إلى المدينة من خلال القادمين من الصين،عبر مطارين دوليين كبار، وهما من أكبر المطارت فى حركة المسافرين “مطار جون إف كنيدى الدولى، ومطار لاجوارديا”.

قبل تفشى وباء كورونا، كانت مدينة نيويورك مفعمة بالحياة، ليلها كنهارها، مدينة لا تنام، نهارها مضاء بنور الشمس، وليلها مضاء بنور المحلات التجارية والمولات ونور السيارات، فقد كانت تبدو كالؤلؤة. أهالى المدينة شاهدوا بالعين أحداث اصطدام طائرات ضخمة ببرجى التجارة العالمية، ولم تكن المدينة مستعدة لذلك، وأصابها الفزع والهلع، وتوفى جراء هذا الحادث 2973 شخصا، وكان عدد المفقودين كان 24 شخصا، بالإضافة لآلاف الجرحى والمصابين بأمراض جراء استنشاق دخان الحرائق والأبخرة السامة.

مدينة نيويورك لم تكن مستعدة للصراع مع فيروس لا يرى بالعين. داهم الفيروس المدينة على حين غفلة، وعاث فى الديار خرابا، وخلف من ورائه أكثر من 172 ألف مصاب، وأكثر من 13 ألف حالة وفاة حتى الآن. الآن انطفأت المدينة، وبدت كئيبة، خالية شوارعها، إلا من سيارات الإسعاف وسيارات نقل الموتى. سبحان من له الدوام، ما بين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال الى حال.

فاقت مصائب مدينة نيويورك وحدها، مصائب أى مدينة أخرى فى العالم، بل وفاقت مصائب أى ولاية من ولايات أمريكا، وكذا مصائب بعض دول من العالم. وهذا راجع لأسباب، أولاً، بدأ فحص القادمين من الصين فى مطار “جون كنيدى” والمطارات الأمريكية الأخرى، يوم الأحد 2 فبراير 2020، وهو يعتبر متأخر جدا، فالفيروس ظهر فى مدينة “ووهان” الصينية فى 1 ديسمبر 2019، وفى 23 يناير 2020، أعلنت الصين عن اتخاذ إجراءات العزل المنزلى. فى هذه الفترة كان قد غادر مدينة “ووهان” الصينية حوالى 7 ملايين شخص إلى 26 دولة حول العالم. وبالتالى فقد دخلت أعداد كبيرة من القادمين من الصين مطار “جون كنيدى” دون فحص. ثانيا، تضم مدينة نيويورك 5 أحياء، وتعداد سكان مدينة نيويورك أكثر من 8 مليون نسمة، وتتميز المدينة بالتجمعات السكانية الكثيفة، منهم حى مانهاتن، وهو حى مكتظ بالسكان، وهو من بين المراكز التجارية والمالية والثقافية الكبرى فى العالم.

مقالات ذات صلة

رأيك يهمنا شارك الان

زر الذهاب إلى الأعلى