العرب والعالم

منصور لـ”ع المكشوف”: العلاقات بين مصر والصومال تاريخية.. والشراكة الاستراتيجية بينهما تسهم في تثبيت الأمن والاستقرار

إعلان

كتب – شريف ربيع

قال علي منصور، الباحث والمحلل السياسي: إن العلاقات بين مصر والصومال قديمة قدم التاريخ فقد كان قدماء المصريين والصومال وقتها تسمى منطقة “بلاد بونت” لهم علاقة متميزة وأبرز مثال أن الملكة حتشبسوت أرسلت بعثة تجارية محملة بالهدايا والبضائع المصرية مثل البردى والكتان إلى بلاد بونت فاستقبلها ملك بونت وعادت محملة بكميات من الحيوانات النادرة، والأخشاب، والبخور، والأبنوس، والعاج، والجلود والأحجار الكريمة، وصورت الملكة حتشبسوت أخبار تلك البعثة على جدران معبد الدير البحرى على الضفة الغربية من النيل عند الأقصر، ولا تزال الألوان التى تزين رسومات هذا المعبد موجودة حتى الآن.

وأضاف منصور لـ”ع المكشوف”: أما في العصور الحديثة فقد ازدادت العلاقة قوة وتوطدت أكثر حين وقف المصريون بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر إلى جانب الصوماليين في حربهم ضد الاحتلال؛ حيث ساند الرئيس جمال عبد الناصر القوى الوطنية في الصومال من أجل استقلال بلادهم، وفي عام 1955، عندما أراد عبد الرشيد شارماركي الزعيم الصومالي الذى أصبح رئيسًا للوزراء ثم رئيسًا للدولة فيما بعد أن ينشىء جيشًا ليصد به التحرشات المعادية لبلاده، قام بجولة في أوروبا فلم تستجب أية دولة لمساندته، فجاء إلى مصر لمقابلة الرئيس جمال عبد الناصر، وقال عن هذه الزيارة: “كانت مقابلتى للزعيم جمال عبد الناصر نقطة تحول في تاريخنا؛ فقد قرر عبد الناصر أن يمدنا بالسلاح، بل قال إننا سوف نتقاسم كل ما يملك… وقد أوفى بوعده وكان عند كلمته، وقامت علاقة وطيدة بين الجيش المصري والجيش الصومالي منذ ذلك الحين، وسارع عبد الناصر بتلبية جميع المطالب التي طالب به الصوماليون.

وأردف: كانت مصر في مقدمة الدول التي اعترفت باستقلال الصومال عام 1960، وقدمت كل الدعم والعون للشعب الصومالي عقب الاستقلال، كما وقفت مصر إلى جانب الصومال في نضاله ضد الاحتلال البريطاني والإيطالي، كانت سباقة في دعم الصومال خلال الفترة التي أعقبت الاستقلال في مختلف المجالات لا سيما في مجال التعليم؛ فقد وُجدت المدارس المصرية والأساتذة المصريون في العاصمة الصومالية مقديشيو، ولعبت البعثات الأزهرية والمعلمون التابعون للأزهر الشريف دورًا كبيرًا في نشر العلم وتعاليم الإسلام في ربوع الصومال، وقبيل الحرب الأهلية في الصومال بذلت مصر جهدًا كبيرًا لمنع وقوع الحرب الأهلية، وشهدت القاهرة والسفارة المصرية في مقديشو لقاءات واجتماعات بين المسؤولين في نظام “محمد سياد بري” والجبهات المعارضة للحيلولة دون نشوب صراع مسلح وإنهاء الصراع السياسي بين الحكومة والمعارضة بالطرق السلمية، وقد تمثل ذلك في المبادرة المصرية الإيطالية عام 1989، لكن نتيجة لتدخلات قوية من قبل بعض دول الجوار لم تكلل تلك الجهود بالنجاح فدخلت الصومال في أتون حرب أهلية راح ضحيتها الآف المواطنين الأبرياء.

وتابع الباحث السياسي: بعد اندلاع الحرب في الصومال 1991م لم تتوقف جهود مصر لوقف نزيف الدم وحماية وحدة التراب الصومالي، بل كانت حاضرة بقوة في جميع الجهود الدولية للمّ شمل الصوماليين، ورفضت تقسيم الصومال أو الاعتراف بانفصال إقليم الشمال “صومالي لاند”، كما نظمت مصر عددًا من مؤتمرات المصالحة لإنهاء الاقتتال الداخلي في مقديشو وإحلال السلام في ربوع الصومال شارك فيها معظم الفصائل المتناحرة، ومن بين تلك المؤتمرات مؤتمر المصالحة في القاهرة سنة ١٩٩٧م وتم التوصل إلى قررات في غاية الأهمية لإنهاء الحرب الدائرة آنذاك في مقديشو أُطلق عليها «إعلان القاهرة»، وشاركت مصر في منتدى الشراكة رفيع المستوى بشأن الصومال في نوفمبر 2014م، وتلاه نشاط الجامعة العربية بمشاركة مصر لدعم جهود الاستقرار السياسي في الصومال.. كما شاركت مصر في كل الأطر الدولية الخاصة بالوضع في الصومال مثل مؤتمر الخرطوم عام 2006م ومؤتمر جيبوتي عام 2008م الذي تمخض في النهاية عن اختيار الرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد رئيسًا للصومال.

وختم تصريحه بأنه لذلك فإن اتفاق مصر والصومال على ترفيع العلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية بهدف مواصلة الارتقاء بعلاقات التعاون، بما يسهم في تثبيت الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة للبلدين، وبما يصون مقدرات وسيادة ووحدة وسلامة أراضيهما، وهو شيء طبيعي يتسق مع ماضي العلاقات بين البلدين، ومصر لم تكن يومًا تطمع في ثروات الصومال أو موقعها الاستراتيجي كما هو الحال عند بعض الدول.

مقالات ذات صلة

رأيك يهمنا شارك الان

زر الذهاب إلى الأعلى