العرب والعالم

تنصيب “مادورو” .. ولاية جديدة ورؤية طموحة

إعلان

كتبت – نورهان أبو الفتوح
باحثة متخصصة في الشأن اللاتيني

تستعد فنزويلا لمرحلة فارقة في تاريخها، حيث يستعد الرئيس الفنزويلي المنتخب نيكولاس مادورو لحفل تنصيبه لولاية ثالثة في 10 يناير 2025، بعد الانتخابات التي جرت في 28 يوليو 2024، وعلى الرغم مما أثارته هذه الانتخابات من جدلاً إقليمياً ودولياً واسعاً، إلا أنها لم تؤثر على الأوضاع الداخلية في البلاد أو تحقق غرضها في النيل من استقرار فنزويلا، وهو الوعد الذي دائماً ما يقطعه مادورو في مختلف المحافل الدولية والخطابات، فقد دعا الرئيس الفنزويلي إلى التعبئة بالملايين في 10 يناير ليقسموا من أجل الاستقلال، كما وعد مادورو في خطابه في 10 ديسمبر 2024، “بتوحيد البلاد في قبضة واحدة من القوة، والاستعداد وهزيمة أي مكيدة، أي مؤامرة”.

أولا- مادورو وولاية ثالثة .. رؤية طموحة وأهداف منشودة:
تتضح رؤية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الطموحة بشأن ولايته الجديدة من خلال الأهداف التي أعلن عنها خلال خطة 2030، فضلاً عن أهداف حملته الانتخابية، وهو ما يتجلى فيما يلي:

1- إعطاء الأولوية للسيادة الوطنية وترسيخ الديمقراطية: يولي مادورو اهتماماً خاصاً بإعطاء الأولوية للسيادة الوطنية في المسائل المتعلقة بالموارد الطبيعية، والعلوم، والتكنولوجيا، والدخل. وكذلك توسع القوات المسلحة والدفاع عن سيادة غويانا إسكويبا، وتوسيع الديمقراطية من خلال توسيع المذهب البوليفاري بأبعاده السياسية والعلمية والثقافية والتعليمية والتكنولوجية في مواجهة التهديدات التي تواجه فنزويلا.

2- تطوير الاقتصاد الوطني: يسعى الرئيس نيكولاس مادورو إلى تحديث أساليب وتقنيات الإنتاج لتنويع اقتصاد البلاد، المدرج في نموذج التصدير الجديد.
3- التوزيع العادل للثروة: يسعى مادورو إلى تعزيز قيم الاشتراكية البوليفارية في خطة حكومته، من خلال إدراج جميع قطاعات المجتمع، والتوزيع العادل للثروة والحد من عدم المساواة، وضمان الحماية الاجتماعية للناس.
4- تعزيز التحالفات في المنظمات الفاعلة: تتضح أهداف مادورو في تعزيز التحالفات الإستراتيجية مع المنظمات الإقليمية والدولية الفاعلية، وهو ما تجلى في تأكيد مادورو على أهمية مجموعة البريكس فقد أعرب عن نيته انضمام البلاد إلى التحالف الدولي. وتتناول خطة الحكومة أيضًا تعزيز العلاقات مع دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.

5- رؤية بيئية: تهدف رؤية مادورو إلى إضافة إجراءات لمكافحة أزمة المناخ، وتعزيز الوعي وحماية الناس من التأثيرات البيئية، وكذلك حماية منطقة الأمازون والمحميات الطبيعية.
6- إدماج فنزويلا في النظام الدولي: يسعى الرئيس الفنزويلي إلى إدخال فنزويلا وقيادتها في التكوين العالمي الجديد، ويُقترح إعادة بناء تكامل أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وتعزيز مجموعة البريكس وتعزيز التحالفات الاستراتيجية مع البلدان الناشئة للمساهمة في ولادة عالم متعدد الأقطاب ومتعدد المراكز.

7- مكافحة الفساد: وضع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو استراتيجية تهدف إلى إنهاء القضاء على الفساد ووضع حد للعمليات غير المعاقب عليها للجماعات الإجرامية في البلاد، باعتبارها هي جزء من بناء قيم جديدة على جميع مستويات الحياة العامة، لبناء أخلاقيات جمهورية جديدة، وذلك بهدف منع مؤامرات صامتة من الطموح الشخصي والجشع والأنانية، وفقًا لوصف مادورو.

ثانيا: فنزويلا .. جهود عدة ومستقبل واعد

تشير الأهداف التي حددتها رؤية الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى طموح ورغبة لدى القيادة السياسية الفنزويلية للوصول بفنزويلا إلى مكانة إقليمية ودولية متميزة، وهو الأمر الذي بدأت القيادة في ترجمته على أرض الواقع في الآونة الأخيرة وعلى مدار الولايتين الأولى والثانية، فقد تجلى دور فنزويلا على الساحة العالمية من خلال المشاركة في المحافل الدولية، فضلاً عن لعب دور بارز في القضايا الملحة على الساحة، كالأزمة الأوكرانية والقضية الفلسطينية والأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط.

وفي السياق ذاته، شاركت فنزويلا في عدد من المحافل الدولية، فقد شارك الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى جانب 35 زعيمًا آخر في قمة البريكس السادسة عشرة التي عقدت في قازان، روسيا في الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر 2024، وحث الزعيم الفنزويلي دول مجموعة البريكس على اتخاذ “خطوات أكثر جرأة” نحو إنشاء “نظام تمويلي دولي جديد” مستقل عن الهيمنة الغربية. ودعا إلى إنشاء “سلة عملات” و”حلول عملية” لتعزيز التجارة الدولية والتبادل النقدي. وعقد الرئيس الفنزويلي على هامش القمة عدة لقاءات مع رؤساء ومسؤولين بفلسطين وتركيا وإثيوبيا وفيتنام، ناقش خلالها آليات تعزيز التعاون الثنائي مع هذه البلدان، والفرص الإمكانيات المتاحة لتعزيز التعاون. ذلك فضلًا عن إجراء عدد من المسؤولين الفنزويلين لزيارات خارجية مهمة، فقد قامت نائبة الرئيس بزيارات عمل إلى فيتنام والإمارات وعدد كبير من الدول.

كما شارك الزعيم الفنزويلي في القمة الثامنة لمجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (قمة سيلاك الثامنة) في سانت فنسنت وجزر جرينادين، التي انعقدت في مارس 2024، كما التقى بعدد من الرؤساء اللاتينيين لبحث سبل تعزيز التعاون في القطاعات المختلفة.

وإلى جانب الزيارات التي قام بها مادورو، فقد استضافت فنزويلا العديد من المؤتمرات المهمة مثل القمة الاستثنائية الحادية عشر للتحالف البوليفاري لشعوب الأمريكتين- معاهدة التجارة بين الشعوب في أغسطس 2024، وقد جمعت القمة ممثلين من فنزويلا وكوبا وبوليفيا ونيكاراغوا ودومينيكا وسانت فينسنت وجزر غرينادين وأنتيغوا وبربودا وسانت لوسيا. كما حضرها السفير الهندوراسي لدى فنزويلا.

واستكمالاً لجهود القيادة الفنزويلية في تطوير السياسة الخارجية لفنزويلا وتعزيز التفاعلات الإقليمية والتحالفات الاستراتيجية، فقد استقبلت البلاد عدد من القيادات والمسؤولين البارزين بالدول الفاعلة خلال الآونة الأخيرة، فقد استقبل الرئيس الفنزويلي وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” فبراير 2024 وبحث الجانبان سبل تعزيز التعاون الاستراتيجي، ونائب رئيس الوزراء الروسي في نوفمبر 2024، فضلاً عن زيارة وفد تجاري إماراتي برئاسة وزير الدولة للتجارة الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة في أبريل 2024، فضلًا عن زيارة وزير الخارجية التركية “هاكان فيدان” في فبراير 2024، ورئيس الوزراء الكوبي في مارس2024 .

ختامًا يتضح من تحركات الرئيس الفنزويلي المنتخب نيكولاس مادورو في الآونة الأخيرة سعيه لدخول البلاد في مرحلة جديدة من الزخم الكبير، لتعزيز قوة فنزويلا والتقدم نحوها، لاستعادة الأرض المفقودة اجتماعيًا، والوقت الضائع اقتصاديًا، لإطلاق الخطط الكبيرة التي يمكنها دعم الدولة وتطويرها لتبوء مكانة استراتيجية على الساحة الإقليمية والدولية، والخروج بها من حالة الحصار الاقتصادي المفروض عليها.

مقالات ذات صلة

رأيك يهمنا شارك الان

زر الذهاب إلى الأعلى