العرب والعالم

تجدد القتال بين الفصائل السورية.. خبراء: ساحة حرب دولية وهناك ارتباط بين تهديدات نتنياهو وما يحدث على الأرض

إعلان

كتب – شريف ربيع

تجدد القتال فجأة بين الفصائل السورية منذ عدة أيام؛ ما يعيد للأذهان تلك الأحداث المؤسفة عقب ما أطلقوا عليه “الثورة السورية” ضمن هوجة “الربيع العربي” التي أصابت وطننا العربي، ولم يكن إلا مخططًا غربيًّا لتدمير بلادنا، وقد تجددت الاشتباكات بعد يوم واحد فقط من تهديد بنيامين نتنياهو للرئيس السوري بسبب دعمه “حزب الله” في لبنان حينما وصفه “بأنه يلعب بالنار”؛ فإذا بالنار تنتقل بقدرة قادر في اليوم التالي مباشرة إلى الداخل السوري.

اندلع القتال ما بين “المعارضة السورية” (المصنفة دوليًّا بأنها مجموعات وفصائل إرهابية) ضد جيش بشار الأسد ومعاونيه من المليشيات التابعة لإيران. وقد تمكنت قوات المعارضة السورية من خلال هجومها المباغـت من اجتياح مدينة حلب والسيطرة على مناطق كبيرة منها، بالتزامن مع انسحاب قوات الجيش العربي السوري من الكثير من المواقع داخل المدينة، وامتدت المواجهات العسكرية من مدينة حلب وريفها إلى محورين آخرين هما: من الجهة الشرقية لمدينة حلب، والانطلاق من ريف محافظة إدلب تجاه أطراف حماة. وأقالت روسيا الفريق سيرجي كيسيل قائد قواتها العاملة في سوريا على خلفية تلك التطورات الأخيرة.

تهديدات نتنياهو

في هذا الصدد، قال أسامة الدليل، المحلل السياسي والجيو استراتيجي: هذه ليست حرب أهلية ولا ينبغي علينا الانخداع بمصطلح أنهم “معارضة مسلحة”؛ لأن بينهم أعدادًا ضخمة من غير السوريين أصلًا، وتزامن هذا الهجوم مع تهديدات نتنياهو للرئيس السوري ووقف إطلاق النار في لبنان يؤكد وجود ارتباط بين هذا الهجوم وحرب إسرائيل على إيران ومناطق وجود أذرعها.

وأضاف الدليل لـ”ع المكشوف”: اللعبة تعد جزءًا من تشتيت المجهود العسكري الروسي لتخفيف الضغط عن أوكرانيا وتحديًا لقوات “الرضوان” التابعة لـ”حزب الله اللبناني” بعد ضربات إسرائيل لهذه القوة في لبنان، وكذلك استفزاز الحرس الثوري الإيراني. وواضح أن تركيا نقضت اتفاقاتها مع إيران وروسيا وتريد التسريع بفصل حلب عن الحاضنة السورية، وإسرائيل لم تتوقف عن استهداف سوريا، لكن هذه المرة يُتم وكلاؤها العمل انطلاقًا من إدلب.

وأكد أن الحرب ستتسع وقريبًا سنسمع عن الوكلاء على أرض العراق مع كل أسف، لكن حتى الآن المعركة لا تزال في أيامها الأولى ومن السابق لأوانه تحديد أهداف الحرب الاستراتيجية النهائية فيما يخص التجاذات الاستراتيجية الخارجية، ولا يزال أمامنا وقت حتى نعرف من يدفع أو يجر هذه الجماعات. وبسؤاله عن سيطرة الجماعات المسلحة على مطار الضهور العسكري شرقي إدلب وكذلك سيطرتهم على مطار حلب (وهو مطار مدني وعسكري) قال: أن قوات الأسد انسحبت من بعض المناطق، والانسحاب نوعان (تكتيكي، وعملياتي) والنوع الأخير أخطر لأنه يعد برهانَ هزيمةٍ، لكن سيطرة أي جماعة مسلحة على مطار لا قيمة له لأنهم يفتقرون إلى وجود سلاح جوي أو خبرة طيران، كل ما يحدث فقط هو مجرد حرمان الخصم من استخدام القدرة الجوية، ومطار حلب يقع على بعد 10 كلم من مدينة حلب وهو موجود في بيئة غير سكنية أي مكشوف.

وأردف: خلاصة الأمر أننا يجب علينا عدم تعجل النتائج لأن الطيران الروسي يتعامل معهم، والروس ليسوا بعيدين عن الأحداث؛ لأن عندهم قاعدة جوية كاملة في منطقة “حميميم”، بخلاف قاعدة “طرطوس البحرية”، روسيا طرف في القتال وكذلك إيران من خلال أفراد “الحرس الثوري” الموجودين بصورة دائمة في أنحاء متعددة من سوريا، ويعرفون أن المسلحين هدفهم هو قطع اتصالهم بلبنان والعراق. سوريا أصبحت رقعة شطرنج كبيرة فلا ينبغي تعجل النتائج.

انهيار متسارع

في حين يرى أحمد الشحات، الباحث في الشؤون السياسية: أن هناك انهيارًا متسارعًا ومتتاليًا في قدرات النظام السوري، وبشار الأسد أمام مجموعة من المقاتلين على رأسهم “جبهة النصرة” (وهي تنظيم القاعدة سابقًا) بقيادة الجولاني، بالتعاون مع بعض الفصائل الأخرى رغم خلافها مع “جبهة النصرة” لكن يوجد الآن بينهم نوع من الاتفاق في خصومة النظام السوري.

وأضاف الشحات لـ”ع المكشوف”: أن سوريا منذ أحداث ما يسمى “الربيع العربي” تعيش أحداثًا مأساوية للغاية؛ خلاصة تلك المأساة أنها دولة سنية كبرى يحكمها العلويون، وهذه الدولة تعاني منذ عام 2011م على صعيد انهيار الدولة وتفككها ومخطط التقسيم سواء أكان تم فعليًّا أو تم رسميًّا أو لم يتم، إضافة إلى التطهير العرقي تجاه أهل السنة. لافتًا إلى أن سوريا أصبحت ساحة للصراع الدولي، وهناك نقطة مهمة جدًّا في فهم ما حدث سابقًا وما يحدث الآن وما سيتبعه وهي أن سوريا صارت ساحة لصراع أطراف دولية، وليس فيها طرف يسعى لصالح السوريين، وتحديدًا مصالح أهل السنة في سوريا، بل على العكس من ذلك.
وتابع: سوريا أصبح فيها تدخل أمريكي وإسرائيلي وروسي وإيراني واضح بالإضافة إلى النفوذ التركي، وكل هؤلاء لهم مصالح متعارضة؛ ومن ثم فالفرح بأي شيء يحدث الآن يفتقر إلى شيء من الحكمة، بل هو تسرع وتعجل في دعم حركة ما، في حين أن الأمور لم تتكشف بعد، فلو تحرك طرف ما بدغم خارجي فهناك طرف آخر خارجي سيدعم طرفًا آخر وهكذا؛ فالكل خاسر في ذلك الصراع وبالأخص أهل السنة، وبعدما هلل البعض وكبر بزعم أنه فتح مبين، وماذا بعد ذلك؟! وما العراق عنا ببعيد، ولا ندري حتى الآن إلى أي مدى ستنتهي التفاهمات الدولية.

وأردف: أنه من خلال هذا الحدث اتضح أن تركيا هي الداعم الرئيس لهذا الحراك؛ فهي على خلاف شديد مع نظام الأسد، وليس لديها وفاق مع إيران بشكل أو بآخر، إضافة إلى وجود صراع إقليمي على النفوذ والسيطرة بينها وبين إيران، علاوة على أن أنقرة تريد تحرير بعض المناطق من قبضة الأسد، لكن هناك تساؤل: هل تركيا نسقت مع أمريكا قبل هذا الدعم؟ ولماذا حققت المعارضة السورية هذا الاكتساح السريع؟ والأهم هو ماذا بعد؟! ومن خلال ذلك فالاحتمالات كلها واردة.
اتساع دائرة الصراع وتدخل أطراف أخرى ليس مستبعدًا، وكل ما سبق يشير بقوة لمدى ضعف وهشاشة الوجود العسكري الروسي والإيراني الآن في سوريا، والأهم من ذلك هو عدم جاهزية قوات الجيش العربي السوري لأي قتال، وهناك أطراف خارجية تدير المشهد من الكواليس وفق مصالحها وأخرى ظاهرة في الصورة بوضوح.

مقالات ذات صلة

رأيك يهمنا شارك الان

زر الذهاب إلى الأعلى