أخبار مصرخبر عاجل

السفير صلاح حليمة لـ”ع المكشوف”: العمليات العسكرية مستمرة.. وهناك سيطرة للدعم السريع على دارفور لكنها ليست ذات أهمية كبرى

إعلان

يبدو أنه توجد مرحلة مواجهة عسكرية قد تكون غير عادية عما اعتدنا عليه
وحدة السودان وسلامة أراضيه معرضة للخطر.. وتوجد مخاوف من اتجاهه نحو التقسيم النزاع بدأ من الأساس مع مجموعة “قوى الحرية والتغيير” و”المجلس المركزي” و”الاتفاق الإطاري”
“الدعم السريع” تطمع لأن تكون هي المؤسسة العسكرية خلال الفترة المقبلة
القوات المسلحة حريصة على تثبيت مكانتها في ظل هذا الصراع
الالتفاف الشعبي حول الجيش يزداد بمرور الوقت.. والدول الداعمة للمليشيات تهدد استقرار السودان والمنطقة كلها
لا بد من وجود حوار سوداني سوداني لإنهاء النزاع.. وجهود إقليمية ودولية تدعم هذا الاتجاه


حوار- شريف ربيع

مضى نحو تسعة أشهر من بدء النزاع السوداني المسلح بين الجيش ومليشيات “الدعم السريع”؛ تكبد خلالها الشعب السوداني الشقيق أكبر وأفدح الخسائر البشرية والمادية، بجانب تدمير معظم البنية التحتية للبلاد، علاوة على مخاطر التقسيم التي باتت قاب قوسين أو أدنى من السودان الشقيق، في ظل ضبابية المشهد حول مستقبل السودان؛ من أجل ذلك كان لنا هذا الحوار مع السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون الأفريقية، وممثل الجامعة العربية الأسبق بالسودان، ونائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية.. وإلى نص الحوار:

إلى أي مدى يقترب السودان الشخصية من خطر التقسيم خصوصًا بعد اتخاذ البرهان وحكومته بورتسودان مقرًّا للقيادة؟

العمليات العسكرية لا تزال مستمرة سواء في الخرطوم أو دارفور، وواضح أن هناك سيطرة لقوات الدعم السريع على أرض الواقع في ولاية دارفور، والآن يبدو أنه توجد مرحلة مواجهة عسكرية قد تكون غير عادية عما اعتدنا عليه خلال الفترة الماضية في السودان فقد دخلت على خط المواجهة بعض الحركات الثورية وخاصة حركة “تحرير السودان” -بقيادة مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور- أعلنوا انضمامهم للقوات المسلحة السودانية وبدأوا يحشدون قوات لمواجهة “الدعم السريع”، لكن لا شك في أن هذا سيزيد مساحة الصراع العسكري في دارفور التي تعد أهم المدن السودانية، والصراع لن ينتهي عسكريًّا وهناك نوع من العداء الشديد بين العرقيات المختلفة.

الصراع ممتد حتى الآن ليس فقط في درافور بل وصل إلى العديد من المناطق والأطراف السودانية، وهناك تخوف من أنه –حتى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع الآن- ربما تصبح مثل مدن الأشباح استمرار حالة سكانها بالكامل هربًا من القتال الدائر حاليا؛ وبناء عليه فالحديث عن سيطرة قوات الدعم السريع على ولاية دارفور ليست ذات أهمية كبرى؛ لأنها بدون وجود سكان فيها مثل مدن الأشباح، بمعنى أنها سيطرة ليس لها تأثير؛ وبالتالي هذه المناطق تصبح منزوعة الأمل وستصير بمرور الوقت إلى حالة من الفراغ والفوضى، وهذا باعتراف القادة هناك، وهذا طبعا مع تواصل المعارك في بعض الولايات الموجودة بأطراف السودان ذات النزعة الإنتاجية والاقتصادية والاستثمارية؛ فكل هذه الأمور تدفعنا إلى الاعتقاد بأن السودان في طريقه نحو التقسيم والتفتيت، وربما تكون وحدة السودان وسلامة أراضيه معرضة للخطر، لا سيما أن هناك قوى إقليمية -للأسف الشديد- تدعم في هذا الاتجاه.

ما الذي يجعل طرفي النزاع (حميدتي والبرهان) يتنازلان -ولو قليلًا- من أجل إنهاء هذا الصراع؟

النزاع بدأ من الأساس مع مجموعة “قوى الحرية والتغيير” و”المجلس المركزي” و”الاتفاق الإطاري” عندما انتهى المتعلق بالملف الأمني دون التوافق عليه، كنوع من المواقف كانت السبب الرئيس لهذا الصراع؛ “قوى الحرية والتغيير” و”المجلس المركزي” اقتصرت السلطة في المرحلة الفترة الانتقالية وربما أيضًا المرحلة التالية على الموقعين على الاتفاق الإطاري؛ وبالتالي أصبح هناك نوع من الاستقرار والسلطة في المرحلة الانتقالية لهذه المجموعة التي تولت رئاسة القوى الأساسية السياسية الأخرى؛ وهذا أثار حفيظة القوى السياسية والأحزاب الأخرى التي ليست في المجموعة داخل المجلس المركزي.

هناك نقطة ثانية وهي أنه تم وضع قوات الدعم السريع في مكانة أعلى من القوات المسلحة، ووضعية أعلى مستوى من القوات المسلحة، ومُنحت قوات الدعم السريع فترة قدرها 10 سنوات للدمج في القوات المسلحة؛ وهذا طبعًا أثار حفيظة القوات المسلحة لأنه -وحتى لدى الكثير من القوى السياسية- لأن معناه التقليل من مكانة الجيش، خاصة أنه يعني أن قوات “الدعم السريع” ستختصر مكانة الجيش وتظهر مستقبلًا أنها هي المؤسسة العسكرية أو على الأقل ستكون دعوة لأن تكون مؤسسة رسمية، ومن هنا بدأ الصراع على السلطة والنفوذ والسيطرة والثروة ما بين الجانبين، وكانت “قوى الحرية والتغيير” في هذه الفترة هي الحاضنة السياسية لقوات “الدعم السريع”، و”الدعم السريع” هي الحاضنة السياسية لقوى الحرية والتغيير والمجلس المركزي.

الصراع ما بين الجانبين يتمثل في أن كلا منهما يسعى لأن يكون له البقاء كمؤسسة عسكرية، “الدعم السريع” تطمع لأن تكون هي المؤسسة العسكرية خلال الفترة المقبلة، أو على الأقل يكون له دور موازٍ لا يقل عن دور القوات المسلحة.

وهناك نقطة ثالثة وهي أن القوات المسلحة في ظل هذا الصراع كانت حريصة على تثبيت مكانتها خاصة أنها المؤسسة العسكرية الرسمية، ولا سيما في ظل ما ارتكبته قوات “الدعم السريع” من مخالفات وانتهاكات سواء في الخرطوم أو في غيرها من المناطق، وصار هناك نوع من العداء ضد “الدعم السريع”، وزاد مستوى التأييد الشعبي للقوات المسلحة؛ وهذه نقطة جوهرية لأن “الدعم السريع” في الأصل مليشيات مرتزقة خاصة وأنه توجد علاقة بينها وبين بعض الدول المجاورة، وهناك دعم لها من جانب بعض هذه الدول وبعض الدول العربية، لا سيما أن “الدعم السريع” عندما أنشأت أُعطيت الكثير من المزايا سواء على المستوى الفني أو المستوى العسكري، وأقامت علاقات مع قوى إقليمية ودولية، ومن الممكن أن يكون هناك نوع من التعاطف معها أو الدعم الإقليمي والدولي؛ فهذا هو الصراع في مواجهة طبعًا القوات المسلحة التي ترى أن الرئيس البرهان هو رئيس الدولة الشرعي، والمؤسسات الرسمية هي مؤسسات مجلس السيادة وغيرها من المؤسسات السيادية.

إلى أي مدى يؤثر هذا النزاع المسلح على علاقات السودان مع دول الجوار خاصة في ظل تصريح البرهان الأخير بأن قيادة “الدعم السريع” استعانت بمرتزقة من دول: (ليبيا، سوريا، اليمن، جنوب السودان، تشاد، مالي، النيجر، أفريقيا الوسطى)؟

بالطبع سيؤثر سلبًا على العلاقات، ولا شك أن “الدعم السريع” استعانت بالفعل بمليشيات مرتزقة من دول متعددة، ولا يوجد لها تأييد شعبي بل على العكس من ذلك هناك انتقادات قوية ووجهت إليها ولا بد من حلها، وهذه الدول التي تدعم وتساند مليشيات “الدعم السريع” تهدد أو على الأقل تشارك في تهديد وحدة السودان وسلامة أراضيه؛ وبالتالي تقويض الاستقرار في المنطقة، وهنا يجب أن نتذكر مبادرة “دول الجوار” التي أطلقتها مصر وشارك فيها سبع دول، وكان هناك حديث عن ضرورة وقف إطلاق النار، وهناك رؤية لإيجاد سبيل نحو تسوية الأزمة السودانية، ولا شك أن ما يجري في السودان يهدد وحدة السودان وينعكس بالسلب على دول الجوار سواء فيما يتعلق بالأمن والاستقرار، أو سواء ما يتعلق بما يمكن أن يترتب عليه من أوضاع أمنية أو اقتصادية أو اجتماعية.

بعد ما نزوح ولجوء أكثر من 6,000,000 شخص وتدمير معظم البنية التحتية السودانية.. ما هو مستقبل السودان من وجهة نظركم؟

في ظل الواقع الحالي هناك مخاوف على السودان من تقسيمه وتهديد سلامة ووحدة أراضيه، وبالطبع لا بد أن تكون هناك جهود سواء على المستوى المحلي وأقصد بها الشعب السوداني خاصة القوى السياسية والأحزاب السياسية والمدنية أيضًا، ويجب أن يتم توافق وتعاون فيما بينهم على التوصل إلى تسوية للأزمة السودانية بشكل شامل، من شأنها أن يكون هناك تعاون بين القوات المسلحة وقوات “الدعم السريع” بخصوص مصالح السودان، وأن يتم دمج “الدعم السريع” داخل القوات المسلحة، أو على الأقل يكون هناك تعاون وتفاعل بين الجانبين، من خلال توافق بين القوى المدنية والأحزاب السياسية، وهذا كان هدفًا رئيسًا للثورة السودانية.

ولا بد أن يكون هناك أيضًا في هذا التوجه من جانب الدول الحريصة على إرساء الأمن والاستقرار في السودان، والأمن والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، وعلى رأسهم طبعًا مصر وجنوب السودان وكذلك الدول المحيطة أيضًا بالسودان، وهناك بعض الدول التي شكلت مصدرًا لتجنيد عناصر منها كمرتزقة لمساندة قوات “الدعم السريع” وعليهم أن يغيروا هذا الموقف، وهذا الموقف على الأقل لا بد أن يتغير من جانب القوى السياسية والمدنية داخل الشعب السوداني، وربما تكون هناك مبادرات مجتمعية تُطرح في المستقبل من شأنها أن تعيد الأمن والاستقرار السوداني، ويجب أن يكون هناك حوار (سوداني سوداني) يتم من خلاله التوافق على خريطة طريق لإنهاء هذا النزاع على النحو الذي يكون هناك تفاعل ديمقراطي مدني سواء في المرحلة الانتقالية أو في مرحلة الانتخابات.

مقالات ذات صلة

رأيك يهمنا شارك الان

زر الذهاب إلى الأعلى