العرب والعالمخبر عاجل

العلاقات العمانية الكويتية راسخة متجددة

كفتا ميزان الدبلوماسية الخليجية

إعلان

كتب – شريف ربيع

«عمان»: عندما نتحدث عن العلاقات التاريخية بين البلدان والشعوب تطل علينا العلاقات العمانية الكويتية الضاربة بجذورها عميقا في ذاكرة البلدين والشعبين الشقيقين لتقدم نموذجا يحتذى للعلاقات الأصيلة والمتجددة التي تحرص قيادتا البلدين في كل العهود على استمرارها وتعزيزها.

وإذا كانت تلك العلاقات متجذرة تعود إلى تاريخ وجود البلدين والشعبين وارتباط نشأتها بالعلاقات التجارية البحرية وما يجمع بينهما من أواصر اللغة والدين والعادات والتقاليد والتاريخ المشترك والأواصر الاجتماعية والمصالح المشتركة فإنها شهدت على مدى السنوات الماضية في عهد النهضة الحديثة تنمية وتطويرا تعزز في عهد السلطان قابوس -طيب الله ثراه- وإخوانه قادة الكويت تواليا في تلك المرحلة الشيخ جابر الأحمد الصباح والشيخ سعد العبدالله الصباح والشيخ صباح الأحمد الصباح -طيب الله ثراهم – جميعا، وشهدت تميزا نوعيا خاصا في العلاقات الأخوية بين الراحلين السلطان قابوس والشيخ صباح الأحمد – طيب الله ثراهما، وتواصل تعزيز العلاقات حتى يومنا هذا في العهد المتجدد لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- الذي يحرص على تعزيز هذه العلاقات والعمل على تنميتها وتطويرها.

وترتبط سلطنة عمان ودولة الكويت التي نعت اليوم أميرها الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح -طيب الله ثراه- بعلاقات أخوية متينة تشهد تطورا في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والسياحية.

تحرص قيادتا البلدين على استمرارها ودعمها وتنميتها وتطويرها.

في يوم الثلاثاء 29 سبتمبر 2020 نودي بتولي الشيخ نواف الأحمد أميرًا لدولة الكويت الذي كان وليا للعهد مؤديا اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة في اليوم التالي ليكون بذلك الأمير الرابع الذي يُؤدّي اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة في تاريخ الكويت.

وتسلم الشيخ نواف -طيب الله ثراه- سدة الحكم في الكويت في مرحلة حساسة تشوبها أزمات خليجية وتوترات إقليمية وواصل الشيخ نواف سياسة سلفه القائمة على الوساطة حيث تتجنب الكويت الانخراط في النزاعات الإقليمية وبقيت تدعو لحلها سلميا. وحظي الشيخ نواف الأحمد بتقدير واسع في الكويت داخل الأسرة الحاكمة وفي الأوساط السياسية والشعبية.

الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح هو الأخ غير الشقيق للأمير الراحل صباح الأحمد الجابر الصباح، والابن السادس لأمير الكويت العاشر الشيخ أحمد الجابر الصباح (الذي حكم الكويت بين عامي1921-1950).

ولد الشيخ نواف -طيب الله ثراه- في 25 يونيو عام 1937 بمدينة الكويت وتقلد مناصب سياسية ووزارية عدة، بداية من عمله محافظا لحولي منذ عام 1962 ولستة عشر عاما، ثم وزيراً للداخلية عام 1978، ووزيراً للدفاع عام 1988.

وعند تشكيل أول حكومة كويتية بعد تحرير الكويت عام1991 كُلف الشيخ نواف بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ثم أصبح نائبا لرئيس الحرس الوطني في 1994، قبل أن يتولى منصب وزير الداخلية من جديد عام 2003 إلى أن تمت تزكيته وليا للعهد في 2006.
ومن أبرز إنجازات الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح -طيب الله ثراه- الإسهام في دعم وبناء التكامل الأمني في دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية.

وعلى المستوى المحلي عمله على ترغيب الشباب الكويتي بالانخراط في سلك الشرطة والعمل الإداري بوزارة الداخلية بهدف تطوير العمل. والعمل بسياسة الإحلال بوزارة الداخلية، حيث أفسح المجال للخبرات الشابة من الكويتيين لإحلالهم محل كبار السن وذلك لضخ الدماء الجديدة بالوزارة والاستفادة من طاقات الشباب، كما أنشا إدارة شؤون المختارين، وإدارة شؤون الانتخابات.

لقد تمكنت العلاقات العمانية الكويتية ومنذ سنوات طويلة من أن تتخطى الطابع التقليدي للعلاقات بين الدول الشقيقة لتنطلق بفضل الإرادة المشتركة والمتبادلة لقيادتي البلدين نحو تطويرها وتنميتها والبناء على إنجازاتها لتتواكب مع ما يجمع بين قيادتي البلدين من روابط عميقة ومن اعتزاز وتقدير وود دائم ومتواصل، يمتد بتأثيراته الطيبة والملموسة إلى كل جوانب ومستويات العلاقات بين الدولتين والشعبين العماني والكويتي الشقيقين.

وتسير العلاقات والتعاون بين سلطنة عمان ودولة الكويت الشقيقة بخطى متتابعة وملموسة على كافة المستويات الرسمية والشعبية، وفي كل المجالات نحو الغايات المرسومة لها سواء على المستوى الثنائي أو في إطار التعاون بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما يحرص البلدان على تعزيز التواصل وعقد الاجتماعات المشتركة، التي تدعم أواصر التعاون والتشاور والتنسيق بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية». حيث تؤكد القيادتان الحكيمتان في البلدين على دفعها وتوسيع آفاقها، ودعم خطاها لتتمكن من ترجمة ما يجمع بين الدولتين والشعبين الشقيقين من روابط ومصالح مشتركة ومتبادلة.
وتتميز العلاقات الكويتية العُمانية بمتانة وتوافق سياسي حول العديد من القضايا الخليجية والإقليمية والدولية، حيث يتمتع البلدان بعلاقات ثنائية قوية في مختلف المجالات.

ويشترك البلدان في مواقف موحدة حول الأمن الخليجي، ووحدة دول مجلس التعاون، إضافة إلى جهد مشترك لإنهاء الأزمات الدولية، والخلافات الخليجية، من خلال دبلوماسية نشطة.

وإلى جانب الأسس والركائز المتينة للعلاقات العمانية الكويتية التي تجعل منها نموذجا يحتذى على صعيد العلاقات بين الأشقاء وما تمر به وتتعرض له المنطقة من تطورات، تطرح تأثيراتها، على أوضاع المنطقة وعلى حاضر ومستقبل عدد من الدول الشقيقة، ومن ثم المنطقة ككل، يجعل من الأهمية والضرورة تعزيز الترابط الوثيق بين دول وشعوب المنطقة وبين مصالحها وأمنها وسلامتها وازدهارها في الحاضر والمستقبل.

تتمتع سلطنة عمان ودولة الكويت بعلاقات ثنائية قوية في مختلف المجالات، كما ينشطان إقليميا ودوليا في نزع فتيل الأزمات ورأب الصدع بفضل دبلوماسية نشطة في كلا الجانبين. وينظر العالم إلى كل من سلطنة عمان ودولة الكويت باعتبارهما ميزان الخليج العربي، حيث يتمتعان بنهج دبلوماسي مختلف عن باقي الدول، قائم على تعزيز الاستقلالية وتخفيض التوترات الإقليمية والوساطة في حل الأزمات. وتشير العلاقات الكويتية العمانية إلى أن التقارب والتحالف في ظل الأجواء المضطربة بالخليج والشرق الأوسط، أمر ممكن وواقعي ومؤثر إيجابي في صنع الحوار وتحقيق السلام. وتعود صلابة العلاقة بين الدولتين إلى إرث تاريخي ومواقف مشتركة في قضايا الخليج الأمنية والسياسية والاقتصادية.

وتحظى قيادتا البلدين سلطنة عمان ودولة الكويت بتقدير إقليمي ودولي كبيرين، وعلى كافة المستويات الرسمية والشعبية، وهو ما يضفي أهمية متزايدة على رؤيتهما، وعلى جهودهما ومساعيهما الخيرة، التي تحرص دوما على كل ما يعود بالخير ويعزز فرص السلام والأمن والاستقرار والتقارب بين دول وشعوب المنطقة.

وإذا كان المركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدَّولي الذي يتَّخذ من العاصمة النرويجية -أوسلو- مقرًّا له منح جائزة الإنسان العربي الدوليَّة لعام 2016 م للسلطان الرحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-؛ تقديرًا لجهود جلالته العظيمة، وإسهاماته النبيلة في مجال حماية ودعم وتعزيز حقوق الإنسان محليًّا وعربيًا ودوليًا.

فالأمم المتحدة قامت أيضا من خلال الأمين العام الأسبق «بان كي مون» بمنح الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر -طيب الله ثراه- «قائد العمل الإنساني» في التاسع من سبتمبر عام 2014 م، تقديرا لجهود سموه وإسهامه في العمل الإنساني ودعمه المتواصل للعمل الإنساني لمنظمة الأمم المتحدة وتقديم الكثير من المساعدات للعديد من الدول التي تتعرض لكوارث إنسانية أو طبيعية أو تعاني من مشكلات اللاجئين والنازحين والمشكلات المترتبة على الحروب، بغض النظر عن أي اعتبارات جغرافية أو إثنية أو دينية أو سياسية لهذه الدول أو الشعوب التي تتعرض لمحن أو مشكلات.

وتستمر دولة الكويت الشقيقة بحصد الإشادة الدولية الواسعة من داخل الأمم المتحدة وخارجها وتواصل الكويت الشقيقة جهودها في هذا المجال الإنساني بوسائل متعددة وقد استفاد العديد من الدول العربية والإسلامية والأجنبية من هذه المساعدات الإنسانية التي ساندت جهود الأمم المتحدة في العديد من مناطق العالم. ونجحت الكويت في أن تصنع لنفسها صورة إيجابية تحظى بالقبول والاحترام وتلعب دور الوسيط في أكثر من صراع. فعلاقاتها جيدة مع الجيران الخليجيين هذا بالإضافة إلى مسار حافل في تاريخ الوساطات في المنطقة.

كما نجح الكويتيون مع الدول الغربية، في بناء علاقات إيجابية عزز منها دورهم الإنساني في أكثر من ملف في منطقة الشرق الأوسط.
وتاريخيا طالما لعبت الكويت دور الوسيط بين عدة دول ونجحت الكويت في الاحتفاظ مرة أخرى بدور الوسيط المحايد في العديد من القضايا، وحاولت التدخل لحل الصراعات وتعتبر الكويت «عميد الدبلوماسية» وهي تمثل دولة دبلوماسية حذرة تلعب دور الوسيط وصوت العقل وفضلت دور الوسيط في الأزمات الخليجية والعربية ففي منطقة تتسم بصراعات دموية وتناقضات عميقة وأزمات إنسانية خطيرة، تزداد أهمية الذين يعملون من أجل الحوار وتخفيف المعاناة الإنسانية كدولة الكويت.

وفي ظل التوترات التي تعيشها المنطقة والعدوان الإسرائيلي على غزة تبقى الكويت متمسكة بالدفاع عن الفلسطينيين. فالكويت لم تتقرب من إسرائيل والتاريخ الكويتي يشهد بأنها الدولة التي احتضنت تاريخيا الجالية الفلسطينية ومنها مر العديد من قيادات الفلسطينية وبقيت الكويت متمسكة بموقفها الثابت من إسرائيل.

إن العلاقات العمانية الكويتية تخطو خطوات وثيقة ومتتابعة ومتجاوبة بشكل متزايد مع تطلعات الدولتين والشعبين العماني والكويتي الشقيقين مستمدة المزيد من القوة والقدرة على الانطلاق نحو آفاق أرحب من دعم قيادتي البلدين لهذه العلاقات بشكل دائم ومتواصل.
وتقوم اللجنة العمانية الكويتية المشتركة بجهود متعددة لدفع وتوسيع نطاق التعاون بين الدولتين الشقيقتين في العديد من المجالات الاقتصادية والتجارية والتعليم والبحث العلمي والشباب والخدمة المدنية والبيئة وغيرها من المجالات التنموية المختلفة.

وساهمت اللجنة العمانية الكويتية المشتركة في تقوية التعاون الاقتصادي، الذي أفرز تبادلا تجاريا واستثماريا وتوقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات مختلفة، تتصدرها مشاريع مشتركة في منطقة «الدقم» الاقتصادية مثل: مصفاة الدقم ومجمع البتروكيماويات وتخزين النفط في «رأس مركز» التي تصل حجم استثماراته إلى 8 مليارات دولار أمريكي. وتعد دولة الكويت الأولى خليجيا وعربيا في الاستثمار في منطقة الدقم الاقتصادية.

ويستحوذ قطاع التجارة على 35% تقريبًا من إجمالي الاستثمارات المشتركة بين البلدين، يأتي بعده في المرتبة الثانية قطاع الإنشاءات، تليه قطاعات النقل والخدمات والصحة والتعليم والقطاع المالي والعقارات والسياحة والزراعة والنفط والغاز بالإضافة إلى قطاع الصناعة.

وتوجد العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين التي تم توقيعها على مدى السنوات الماضية، كما يقوم القطاع الخاص الكويتي والعماني بدور متزايد لدعم سبل ومجالات الاستثمار بين البلدين، لا سيما في المجالات التجارية والعقارية وغيرها، وتظل هناك العديد من المجالات والفرص الواعدة لتوسيع وتعميق مجالات التعاون والاستثمار المتبادل وتعزيز التعاون المثمر بين الدولتين والشعبين الشقيقين لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة لهما، بما يعود بالخير أيضا على دول وشعوب المنطقة.

وتؤكد سلطنة عُمان ودولة الكويت، دائما التزامهما الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، وتعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتعليمي والعلمي والتقني، وذلك في سبيل تحقيق مصالح الشعبين وفتح آفاق جديدة للتعاون بلوغا لتطلعات قيادتي البلدين وطموحات الشعبين الشقيقين. إضافة لدعم الجهود والمساعي الرامية لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة. وطالما أكد البلدان دعمهما الكامل لكافة الجهود والمساعي الرامية لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة والعالم، وعلى ضرورة حل النزاعات بالطرق السلمية واحترام سيادة واستقلال الدول والالتزام بقواعد القانون الدولي والمواثيق الدولية.

مقالات ذات صلة

رأيك يهمنا شارك الان

زر الذهاب إلى الأعلى