العرب والعالمخبر عاجل

الدستور السويدي يكشف زيف ادعاءت رئيس الوزراء

خبراء: القانون السويدي يكفل حرية الرأي لا حرق المصحف الشريف.. والحكومة الحالية يمينية متطرفة

إعلان

خبراء: القانون السويدي يكفل حرية الرأي لا حرق المصحف الشريف.. والحكومة الحالية يمينية متطرفة

يريدون إحداث فتنة في العالمين العربي والإسلامي.. وما فعلوه يعد جريمة كراهية دولية بموجب قرارت محاكم نوربيرغ وروندا

كتب- شريف ربيع


لا يكف الغرب عن أظهار ازدواج معاييره بين الحين والآخر، ففي الوقت الذي يتشدقون فيه بحقوق الإنسان واحترام الغير، يؤذون مشاعر نحو ملياري مسلم يشكلون ربع سكان العالم بمشاهد مخزية لحرق المصحف الشريف وسط حماية من قوات الشرطة؛ ما تسبب في غضبة عربية وإسلامية كبرى كان على أثرها أنه منذ عدة أيام قدمت الحكومة الدنماركية مشروع قانون يحظر حرق القرآن الكريم، في حين قال أولف كريسترسون رئيس الوزراء السويدي سلطات بلاده لا تخطط لحظر حرق الكتب الدينية بعد الدنمارك؛ متحججًا بأن ذلك سيتطلب تعديلات دستورية، في حين أن الدستور السويدي ينص على احترام الغير وعدم التحريض على العنف والكراهية!

حرية التعبير

في هذا الصدد، قالت الدكتورة براءة جاسم، أستاذة علم النفس والمتدربة في دار الهجرة السويدية والمترجمة السويدية السابقة، إن الدستور السويدي ينص على أن “كل المواطنين السويديين بالطبع لهم الحق بالتعبير عن آرائهم، وأفكارهم، ومشاعرهم بكل الطرق سواء عن طريق الراديو أو التلفزيون أو الفيديو غرام، أو الصوت أو أي بث. وغير مسموح لأي جهة رسمية أن تتدخل أو تحدّ من الكلام الذي سيقال سواء في الراديو أو التلفزيون أو غيره من التدخل لعمل رقابة إلا في حال فيلم سينمائي لو كان هناك أطفال دون الـ ١٥ سنة…”.
(حسب ما هو موجود في هذه الصورة المرفقة من نص الدستور)


وأضافت “جاسم” لـ”الفتح” أن المواطن السويدي يذهب لقسم الشرطة التابع له ويخبرهم بأنه سيذهب في يوم كذا ساعة كذا لمكان كذا كي يعبر عن رأيه، ويطلب منهم الحماية خشية حدوث أذى له، لكنه لا يقول أبدًا إنه ذاهب لحرق القرآن الكريم أو سب النبي صلى الله عليه وسلم، بل يخبرهم بأنه سيمارس حقه الدستوري في حرية التعبير عن رأيه؛ وبِناءً عليه يحصل على تصريح رسمي وتذهب الشرطة بقوة القانون لحماية هذا الفرد لكنهم يفاجئون بأنه يحرق القرآن أو يسب النبي أو يسب رئيسًا أو وزيرًا أو مسؤولًا ما. باختصار: القانون يكفل لهم حرية الرأي لكنه لا يكفل لهم حرق القرآن الكريم.

ولفتت إلى أن الأحزاب مختلفة في الدنمارك والسويد؛ فهناك أحزاب عنصرية تدعم من يقوم بتلك الأفعال الشائنة وتقف خلفه لأنهم بطبيعة الحال يكرهون المهاجرين، أما الأحزاب المعتدلة فضد هذه التصرفات، لدرجة أنه حاليا في السويد وبعض أحزاب الدنمارك يتباحثون فيما بينهم عما يمكنهم فعله حتى لا تتكرر مثل هذه الممارسات السيئة؛ لأن اقتصاد بلادهم يتأثر سلبًا بسببها خصوصًا الدنمارك التي يعاني اقتصادها كثيرًا الآن من جراء المقاطعات التي تُمارس ضدهم.

ونوهت بأن الدستور السويدي لا يمكن تعديله؛ فهو بمثابة القدسية عندهم ولا يمكن المساس به، وكذلك حرية الرأي والتعبير لأسباب اقتصادية أو أمنية، إضافة إلى أن الحكومة الحالية عنصرية للغاية ويناسبها جدًّا بث الكراهية عند الشعب السويدي تجاه الإسلام والمسلمين، وهم غير مكترثين بكل النتائج السلبية المترتبة على تلك الأفعال جراء غضبة الدول الإسلامية. لافتة إلى أن حزب العمال الديمقراطي الاشتراكي السويدي طالب عدة مرات بإلغاء هذه الظاهرة دون المساس بالدستور لما تسببه من كوارث على الاقتصاد.

وأكدت أن الدستور السويدي نص على المواد التي تعرض حرية التعبير للخطر؛ وهي: (الخيانة العظمى، والتشجيع على الحرب، والتجسس، وإفشاء أسرار الدولة، وخيانة الدولة، والتحريض على العنف، والعبث بالممتلكات، وإفشاء معلومات خاطئة، والتحريض على الأقليات، والاعتداء على حرية الآخرين، والقيام بأعمال عنف، وشهادة الزور، وإهانة واحتقار أحد، والتهديد، وتهديد موظفي الدولة، والاستهانة بقرار صدر والتقليل منه).



حكومة متطرفة

في حين يرى الدكتور أحمد مصطفى، الباحث السياسي والاقتصادي ورئيس مركز آسيا للدراسات السياسية والاقتصادية، أنه بالفعل ما يمنع الحكومة السويدية من إصدار قانون يحظر مثل هذه الممارسات هو ما يتطلبه ذلك من تعديلات دستورية، وحسبما سمعنا وراجعنا القوانين السويدية فإن ذلك يتطلب استقالة الحكومة، أو عمل استفتاء شعبي وتغيير الحكومة الحالية؛ وبِناءً على ذلك فالموضوع بالنسبة للسويد ليس سهلًا، لكن ليست المشكلة في ذلك فقط، بل المشكلة تكمن في أن الحكومة الحالية تنتمي لأحد الأحزاب اليمينة المتطرفة التي لها علاقة -للأسف- جيدة بالولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني المحتل، وسمعنا أن هذا الشاب اللاجئ المهاجر من العراق “سلوان موميكا” الذي حرق المصحف الشريف كان على علاقة بالموساد الإسرائيلي وجماعات متطرفة تنتمي إلى الـ”CIA” جهاز المخابرات الأمريكي، وكذلك جهاز الاستخبارات البريطاني “MI 6”.

وأضاف مصطفى لـ”الفتح” أن الجديد يتمثل في أن السويد كانت دائمًا الدولة المنصفة للعرب والمسلمين في القضايا العربية كالقضية الفلسطينية التي اغتييل بسببها الدبلوماسي السويدي “فولك برنادوت” –وسيط الأمم المتحدة بين فلسطين وإسرائيل حينذاك- عندما أقرت الأمم المتحدة أن فلسطين دولة عربية وليس لها علاقة بإسرائيل، وكذلك الدبلوماسي السويدي “داغ همر شولد” ثاني أمين عام للأمم المتحدة الذي اغتيل في فترة الستينيات من القرن الماضي لإنصافه للقضايا العربية، وأيضًا وزيرة الخارجية السويدية “أنَّا ليند”، التي اغتيلت عام 2003م بسبب إنصافها للقضايا العربية. فمع كل أسف السويد التي كانت تفعل ذلك سابقًا هي التي تساعد على مثل هذه الأمور الشائنة الآن.

وتابع أن الوضع بالنسبة للدنمارك يأتي في السياق السياسي والاقتصادي بهدف تخفيف الضغط الواقع عليهم، حتى إن السفارات السويدية ومكاتب الاتحاد الأوروبي تلقى السب والشتم من شباب العالمين العربي والإسلامي، وتواجه تهديدات من بعض الجماعات التي توصف بالتطرف، وقد حدث في باكستان بعض الاعتداءات على عدد من الكنائس ومنازل المسيحيين، وهو ما نرفضه ولا نرغب في حدوثه. مؤكدًا أن حرق المصحف الشريف يراد به إحداث فتنة داخل العالمين العربي والإسلامي؛ فنحن في دولنا لا نعيش كمسلمين وحدنا بل يجاورنا أصحاب ديانات أخرى منها المسيحية مثلًا، وهم استغلوا شابًّا مسيحيا من أصول عربية من أجل ذلك، ومن خلال ذلك كانوا يريدون إشعال نار الفتنة بين المسلمين وغيرهم داخل الوطن الواحد.

وأكد أن هذا الأحداث المفتعلة يراد بها أيضًا خدمة الحكومات الغربية لإزاحة المشكلات الداخلية عن كواهلهم وشغل الرأي العام الغربي بغيرها، وكذلك إلهاء العالمين العربي والإسلامي بمثل تلك الأحداث، لكن الشعوب العربية والإسلامية تعيش حالة شديدة من الوعي بتلك المخططات، وكانت هناك غضبة شعبية كبرى، لكننا بحاجة لقرارات عربية وإسلامية أقوى مما اتُّخذت ضد حكومتي السويد والنريج، منها على الأقل المقاطعة الاقتصادية التي كانت ستجعلهم يركعون أمام العرب والمسلمين الذين يمثلون 58 دولة؛ فنحن نعد مصدر الرزق الأساسي لتلك الدول لأننا نشتري منهم ما لا يقل عن 30% من تجارتهم؛ وبالتالي هم المحتاجون لنا وليس العكس، وهذا من خلال مراجعة الإحصائيات التجارية والاقتصادية في هذا الشأن.

وشدد على الدول العربية والإسلامية لا بد أن تكون أكثر قوة وحزمًا ضد هذه الدول، لا سيما الدول الخليجية؛ فهم يحتاجون الطاقة منا، ويحتاجون كذلك السوق العربي المسلم الكبير جدًّا لتسويق وبيع منتجاتهم. ويجب على الدول العربية والإسلامية ملاحقة الدنمارك والسويد قضائيا في المحكمة الجنائية الدولية – حتى لو على سبيل الشو الإعلامي- بموجب قرارات سابقة كما حدث في محاكم “نوربيرغ” ومحاكم روندا بعد مشكلة “الهوتو والتوتسي”؛ لأن ما فعلوه يعد جريمة كراهية دولية وليست محلية. ويقع على عاتق الشباب دور أكبر من ذلك وهو ملاحقتهم إعلاميا وإظهار أن ما فعلوه شيء ليس مخالفًا فقط للحقوق الإنسانية واحترام الغير التي يتشدقون بها بل مخالف لقوانينهم أيضًا.

وأشار إلى أنه بخصوص صلاحيات الحكومة في مراعاة البعد الأمني والقومي ومنها (السياسي والاقتصادي) وإصدار قرار بمنع مثل هذه الأمور دون التطرق للتعديلات الدستورية، فهم لا يريدون ذلك ويعتقدون أنه سلاح يحاربون ويشككون به العالمين العربي والإسلامي، على افتراض أننا ما زلنا متخلفين ويمكن أن نقع في الفتنة التي خططوا لها، ولم يتوقعوا ردة الفعل العربية والإسلامية رغم وجود ما هو أقوى من تلك الردة. وكذلك كانوا يتوقعون أن يعاملهم الشباب المسلم بالمثل ويحرقون الإنجيل والتواره، لكن ديننا يحترم الكتب السماوية لذلك لم ينزلق شبابنا الواعي لمثل تلك الأمور، مثلما قال الشاب السوري أمام السفارة الإسرائيلية بالسويد “إن القرآن الذي تحرقونه هو الذي يحثنا على احترام كتبكم السماوية ويمنعنا من فعل ذلك”.

وأردف: لكن مع كل أسف هم متطرفون، والأزمة الأوكرانية أسقطت كل الأقنعة الغربية الزائفة عن هذا الغرب المزدوج المعايير، الذي لا يحترم الأقلية المسلمة داخل السويد التي يصل تعدادها إلى نحو مليون مسلم بنسبة تتراوح ما بين 6-8% من التعداد السكاني الكلي، وهؤلاء من دافعي الضرائب للحكومة السويدية؛ وهذه إشكالية أخرى لأنه إذا امتنعت تلك الفئة عن دافع الضرائب فسيواجه الاقتصاد السويدي مشكلة أخرى، خصوصًا أن معظمهم يعملون في مهن لا يعمل بها الشباب السويدي، وإذا غادروا هذه البلدة فكيف ستقوم السويد مرة أخرى؟ فهذه الدول مع كل أسف تنظر بمنظور فوقي ولا تدرك أيا من تداعيات هذه الأزمة التي منها سمعة السويد داخل دولنا، فلو تصورنا أن مجموعة من السائحين السويديين دخلوا دولة عربية ما وأعلنوا أنهم من السويد، سيُنظر لهم نظرة دونية وربما سيطردون مثلما حدث مع الإسرائيليين في الدوحة أثناء بطول كأس العالم رغم محاولات التحايل التي فعلوها.

يبدو الأمر في حقيقته ومن خلال الدستور السويدي الذي يرفض (التحريض على العنف والإهانة والاحتقار للغير)، أن الحكومة السويدية تكذب وفي يدها منع تلك الأحداث دون التطرق لأية تعديلات دستورية.

مقالات ذات صلة

رأيك يهمنا شارك الان

زر الذهاب إلى الأعلى