أخبار العالمأخبار مصراقتصادالعرب والعالمبرلمانبورصة الرأيبورصة الرايخبر عاجلسياسةمقالات

ناجح مصطفى النجار يكتب: الانسحاب الروسي من خيرسون.. فخ أم هزيمة؟

إعلان

بقلم: رئيس التحرير

يُعد الانسحاب الروسي من منطقة خيرسون حيث المنطقة الإقليمية والاستراتيجية الهامة لموسكو وبواية شبه جزيرة القرم، أبرز التطورات والتغيرات العسكرية والاستراتيجية التي حدثت منذ بدء العملية الروسية في أوكرانيا في فبراير الماضي، سيما أنها عاصمة إقليمية ذو بُعد استراتيجي وأمني هام لموسكو.

يرى كثير من المحللين العسكريين ومنهم الغربيين، أن الانسحاب الروسي من منطقة استراتيجية (خيرسون) هى هزيمة ساحقة للجيس الروسي، وهذا ما ذكره الرئيس الأمريكي جو بايدن، ولكني اختلف قليلا مع تلك النظريات والتحليلات بشكلٍ كامل، رغم أنه انسحابا أغضب المواطن الروسي نفسه، إذ أرى أنه انسحاب اضُطرت إليه القوات الروسية مع دخول فصل الشتاء وصعوبة وصول الإمدادات بعد ضرب وتفجير الجسور التي تربط بين خيرسون وبين الجانب الشرقي من نهر دنيبرو.

لا يخفي على أحد أن فاتورة الحرب تكون مكلفة وباظهة دائمة، لأي دولة وأي شعب حتى وإن كانت دولة تمتلك اقتصادً قويًا أو قوة عسكرية مثل روسيا، ولكن لا ننسى أن خيرسون تم ضمها ضمن المناطق الأربع إلى الدولة الروسية، ما يعني أن الانسحاب الروسي قد يكون تكتيكيًا ومؤقت ولا يُستبعد العودة من جديد في أي وقت، لأنها باتت أرضًا روسية.

المتابع للمشهد جيدًا وللحرب الروسية الأوكرانية، يرى أن روسيا تحارب الغرب أجمع، حيث أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وتلك دول ذات اقتصادات قوية، بالرغم من معاناة شعوب منطقة اليورو وارتفاع معدلات التضخم لأعلى مستوياته ولأكثر من 15% حاليًا جراء النزاع الروسي – الأوكراني، وبعد قطع الغاز الروسي عن القارة العجوز، لكن الانسحاب الروسي في التوقيت الحالي قد يُعد استباقًا ليس إلا، قبل دخول فصل الشتاء والبرد القارس، حيث صعوبة وصول المعونات والإمدادات إلى الجانب الغربي لنهر دنيبرو (خيرسون) بعد ضرب الجسور الرابطة من القوات الأوكرانية.

إذ أصبح الدفاع عن الضفة الغربية لخيرسون صعبًا بشكل متزايد على الروس، بسبب هجمات القوات الأوكرانية – المجهزة بصواريخ ومعدات مدفعية غربية حديثة – على الجسور الواصلة إليها عبر نهر دنيبرو، مما أضرّ بشدة بخطوط الإمداد الروسية.

وكما يقال إن الحرب (خدعة)، وبالرغم من أن توصيل الإمدادات إلى مدينة خيرسون بات أمرًا صعبًا على الجيش الروسي، إلا أن ذلك قد لا يعني هزيمة للجيش الروسي رغم رفضها عند كثير من الروس أنفسهم، و ربما يكون نوعًا من التكتيك في جُعبة الكرملين والتخطيط لعودة خيرسون أو الدخول إلى مناطق استراتيجية أخرى.

المساعدات العسكرية من واشنطن إلى أوكرانيا على أعلى مستوياتها، إذ تجاوزت الـ 20 مليار دولار، بجانب مساعدات أوروبية كبيرة، ما يعني أن روسيا لا تحارب أوكرانيا فقط، وإلا قد أنهت تلك الحرب أو السيطرة على مناطق أوسع من ذلك وتكبيد الجيش الأوكراني خسائر فادحة على حد تقديري، لكنها حربًا بين الجيش الروسي والقوى الغربية التي تريد إطالة أمد الحرب.

ومع إعلان – وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو – التعبئة الجزئية في البلاد، في 21 أيلول/سبتمبر، وارتفاع عدد الملحقين في القوات المسلحة الروسية أكثر من 200 ألف شخصًا، فقد تعيد روسيا النظر في تدريب وتطوير هذه الجنود الملحقين بالجيش، ما يعني أنه انسحابًا لإعادة الصفوف، وذلك للعودة من جديد إلى خيرسون، حيث بوابة شبه جزيرة القرم التي تمثل أهمية كبرى من عدة مستويات، اقتصاديًا، أمنيًا، وعسكريًا.

ورغم مرارة الانسحاب على الشعب الروسي من خيرسون، خصوصًا بعد ضمها في استفاءً شعبيًا، إلا أن ما يدور في أروقة الكرملين لم يُفصح عنه بعد، أو ربما لكسب مزيدًا من الوقت لإعادة بناء الجيش الروسي وتدريب جنود الاحتياط الملحقين بالقوات الروسية.

خلاصة القول إذن.. إن الحرب الروسية الأوكرانية سوف تنتهي عاجلا أم آجلا، بالرغم من رغبة واشنطن في إطالة أمدّ تلك الحرب، بهدف إنهاك روسيا عسكريًا واقتصاديًا، وهى خسارة للجانبين الروسي والأوكراني على حدٍ سواء اقتصاديًا وعسكريًا، كذلك تضرر دول وشعوب أخرى، نتيجة توقف أو تعطل سلاسل الإمدات لبلدان تعاني الجوع والفقر المدقع، لذا في تقديري إن خسارة الشعب الأوكراني ستكون الأكبر، إما بخسارة مساحات جديدة من أرضه أو ضرب مزيد من البُنى التحتية التي تحتاج إلى سنوات لإصلاحها، كذلك نزوح المزيد من اللاجئين الأوكرانيين حال عدم التوصل إلى حلول بين الدولتين المتنازعتين.

ناجح مصطفى النجار

كاتب صحفي – باحث في الاقتصاد والعلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

رأيك يهمنا شارك الان

زر الذهاب إلى الأعلى