اقتصادمقالات

د. محمد العراقي يكتب: كيف تتعامل الدول مع الأزمات؟

إعلان

بقلم: د. محمد العراقي

إدارة الأزمات Crisis management وإدارة المخاطر Risk management مصطلحان في علوم الإدارة يشتركان في بعض الأشياء إلا إن المدلول مختلف، فإدارة الأزمات تعني التعامل مع الأحداث المفاجئة والغير متوقعة والتي تهدد أو تضر بمصالح هيئة أو منظمة أو حكومة أو دولة، ومواجهتها بحرفية ومحاولة تقليل الخسائر الناجمة عنها بقدر الإمكان.
أما إدارة المخاطر فهي درجة أعلى من سابقتها، حيث تكون الهيئة أو المنظمة عندها توقع للتهديدات التي قد تحدث لها بناءا على تحليل جيد للواقع، واستباق أسوأ السيناريوهات المحتملة وأقسى الظروف الممكنة، بحيث تتعامل معها بخطط معدة مسبقا guidelines ويكون عندها جاهزية لمواجهتها، وهنا يكون تقليل الخسائر أفضل بكثير من سابقه ويتلافى حدوث تخبط في اتخاذ القرارات، بالضبط كلاعب الشطرنج الذي يتوقع ردود أفعال خصمه ويتخذ أساليب الحيطة والحذر لمواجهتها، وكلما توقع عدد أكبر من تحركات خصمه كلما كان استعداده للمواجهة أفضل، واحتمالات فوزه أكثر، وحين يأتي دوره للعب لن يستغرق وقتا أطول في التفكير إذ إنه فكر مسبقا بالفعل واتخذ قراراته الهجومية أو الدفاعية.
ولنأخذ مثالا على ذلك، فقد أعد نوح عليه السلام الفلك انتظارا للطوفان الذي يتوقع حدوثه، فلما جاء الطوفان كان تعامله معه Risk management ، أما بالنسبة لقومه المعاندين فكان الطوفان بالنسبة إليهم Crisis لأنهم لم يضعوه في حسبانهم ولم يعدوا له عدتهم، فنجا نوح ومن معه، بينما هلك الآخرون.
حين بدأ انتشار فيروس كورونا Coronavirus مطلع العام الجاري 2020 في مدينة ووهان الصينية_بؤرة تفشي الفيروس_ اتخذت الحكومة الصينية قرارا بإنشاء مستشفى بالمدينة لمكافحة الفيروس وعلاج المصابين به، بدأ البناء في ٢٤ يناير/كانون الثاني، وافتتحت المستشفى في ٣ فبراير/شباط، استغرق البناء ثمانية أيام فقط!
تصل الطاقة الاستيعابية للمستشفى إلى ألف سرير، وتم تكوينه من أبنية جاهزة الصنع، مما ساعد في تقليل وقت البناء، ولكن المذهل كان في سرعة تجهيز المعدات والمواد اللازمة وثلاثة آلاف عامل عملوا بدوام ١٢ ساعة، ثم تم التقسيم لاحقا إلى ٣ فترات في اليوم.
هذا نموذج معاصر لإدارة المخاطر في الدول المتقدمة، في حين نرى التخبط في إدارة الأزمات والمخاطر في الدول النامية لغياب الرؤية Vision التي تستشرف المستقبل، وغياب التخطيط الإستراتيجي والذي يرنو إلى استيعاب الوضع الحالي ووضع الخطط لمواجهة كل الاحتمالات الممكنة وعدم تجاهل المخاطر التي قد تعصف بالخطط تماما إن لم تكن لديها المرونة اللازمة للتعامل معها بالشكل الملائم.

مقالات ذات صلة

رأيك يهمنا شارك الان

زر الذهاب إلى الأعلى