أخبار مصر

*القرية الفرعونية.. رحلة إلى مصر القديمة*

إعلان

*القرية الفرعونية.. رحلة إلى مصر القديمة*

كتبت : راندا الشيخ


على بعد قرابة ستة أميال من وسط القاهرة وتحديدًا على الضفة الغربية من النيل بشارع البحر الأعظم الشهير، تقع “القرية الفرعونية” كمنبر ثقافي ومنتزه سياحي بقي طيلة أكثر من ثلاثة عقود يروي تاريخًا مجيدًا لقدماء المصريين الذين أبهروا العالم بإمكانياتهم وحضارتهم. تُحاط القرية بالأشجار والنخيل الشاهقة، في رسالة مقصودة حاول من خلالها مؤسسو القرية أن يعزلوا الزائر عن العالم الخارجي؛ كي يُسلم نفسه تمامًا إلى العوالم الجديدة التي سوف يعايشها عن قرب أثناء تفقد القرية والمتاحف الموجودة فيها، سواء تلك المرتبطة بتاريخ مصر القديم أو الحديث.


زائر القرية الفرعونية على موعدٍ مع رحلة خاصة ومثيرة جدًا.


يسير وإلى جواره تجسيد حي للفراعنة، يشاهد إبداعاتهم عن قرب، يتعرف على تفاصيل حياتهم القديمة، ويرى تشخيصًا عمليًا لكل ما قرأ عنه أو سمعه بشأن تلك الحضارة المصرية القديمة التي أبهرت العالم بأسرة.. ثمة شعور مختلف كليًا يشعر به زائر “القرية الفرعونية” في مصر، وكأنه قد دخل آلة الزمن لتأخذه في رحلة إلى أعماق مصر القديمة، والحياة الفرعونية المتجسدة في شتى التفاصيل.


هنا تجسيد حي لعظمة التاريخ ولعظمة مصر القديمة، في منبر ثقافي أخذ على عاتقه فكرة تجسيد حياة المصري القديم في صورها المختلفة ليتمكن الزائرون من معرفة تاريخ الحضارة الفرعونية وقدرات المصريين القدماء على أرض الواقع، ومن خلال نماذج حيّة مباشرة تجعل الزائر يقترب عن قرب جدًا من حياة المصري القديم وأدق تفاصيلها.


تُعتبر “القرية الفرعونية” منبرًا ثقافيًا ووجهة سياحية بامتياز، لعبت دورًا كبيرًا طيلة العقود الماضية منذ تأسيسها في العام 1984 (بعد تحضير وإعداد دام لعشر سنوات قبل الافتتاح) في تقريب صورة الأجداد الفراعنة في أذهان المصريين والزائرين من الدول العربية والأجنبية، من خلال أشخاص يجسدون الحياة المصرية القديمة ويرتدون الزي الفرعوني، فضلًا عن المتاحف المختلفة التي تضمها القرية، والتي مع تطور الوقت صارت منتزهًا لكل أفراد الأسرة مع حرص القائمين عليها على إضافة المزيد من أوجه الحضارات المختلفة الأخرى والتعريف بثقافات مختلفة، فضلًا عن تكريم أسماء بعينها لعبت دورًا في تاريخ مصر بتنظيم متاحف خاصة بهم مثل متحف الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ومتحف الرئيس محمد أنور السادات، فضلًا عن متحف تاريخ مصر الحديث.
أول ما يمر به زائر “القرية الفرعونية” هي “عوامة الاستقبال” ومعارض لشراء بعض المنتجات المصنوعة والتي تحاكي آثار فرعونية وأثرية كتذكار إلى جانب المطعم. وبعد المرور على العوامة ينتقل الزائر –رفقة مرشد سياحي- إلى أول المتاحف بالقرية وهو متحف كليوباترا (واحدة من أشهر ملكات العالم)، ويحتوي ذلك المتحف على نموذج لمدينة الإسكندرية ومكتبة الإسكندرية القديمة، بالإضافة إلى تاريخ الملكة كليوباترا والإسكندر الأكبر والبطالمة.
وبعد “متحف كليوباترا” يتوجه الزائر لاستقلال المركب العائم حول القرية الفرعونية، وخلال تلك الجولة يتعرف على آلهة مصر القديمة. ويشرح المرشد السياحي في كل مكان تفاصيله وأجزاء من تاريخ مصر القديم وتاريخ صناعة ورق البردي واكتشافه وطرق تصنيعه فضلًا عن رصد معلومات عن حياة الفراعنة بشكل عام وطرق الصيد والزراعة لديهم وأيضًا أساليب الكتابة الهيروغليفية وتاريخها. بينما يرى الزائر أثناء ذلك العديد من المشاهد التمثيلية التي تجسد حياة قدماء المصريين من خلال أشخاص يرتدون الزي الفرعوني، في محاكاة للحياة القديمة للمصريين القدماء يتم من خلالها استعراض جوانب كبيرة من تاريخ مصر القديم والتعريف بذلك التاريخ العظيم وحضارة السبعة آلاف عام.


بوسع زائر القرية الفرعونية زيارة العديد من المتاحف الأخرى التي تضمها القرية وأبرزها متحف الحياة اليومية لمصر الفرعونية (يضم العديد من المجسمات التي تشرح طبيعة الحياة اليومية لقدماء المصريين، وطرق وأساليب حياتهم وأشهر الحيوانات والنباتات التي عرفوها، وأيضًا يضم أشهر ملوك وملكات مصر)، ومتحف التحنيط (يحتوي على نماذج لعمليات التحنيط وطرق وأساليب التحنيط).


ومتحف بناة الأهرامات (يستعرض المتحف مراحل بناء الأهرامات أو المقابر الملكية منذ البداية وحتى تكوين الشكل النهائي، ويضم المتحف نماذج توضح كيفية بناء الهرم) ومتحف المراكب الذي يستعرض أبرز أشكال المراكب التي كان يعتمد عليها قدماء المصريين وخاصة المراكب الجنائزية.


إضافة إلى متحف الفنون والعقائد الذي يضم مجسمات تستعرض الأدوات الفنية في حياة المصري القديم وأدوات الموسيقى وأدوات الطعام والشراب، بالإضافة إلى أدوات التجميل، كما يستعرض المتحف أيضًا الآلة التي كان يؤمن بها قدماء المصريين.


كما تضم القرية العديد من المتاحف الأخرى المرتبطة بفترات تاريخية حديثة، من بينها متحف تاريخ مصر الحديث (يستعرض الحقبة التاريخية في مصر من حكم محمد على 1805 حتى ثورة 23 يوليو 1952)، ومتحف حملة نابليون على مصر، ومتحف جمال عبد الناصر، ومتحف أنور السادات. إضافة إلى متحفي الفن الإسلامي والفن القبطي.


ومن أجمل محطات زائر “القرية الفرعونية” نموذج مقبرة توت عنخ آمون الكاملة. فضلًا عن “منزل الرجل النبيل” و”منزل الرجل الفقير”، بما يعكس حياة المصريين القدماء والتفاوت الاجتماعي بين الطبقات آنذاك، فمنزل الرجل الفقير يتكون من غرفة واحدة وبها زوجته يبدو عليها الفقر وتقوم بإعداد الطحين، بينما منزل الرجل الغني يتكون من عددٍ من الغرف ويحتوي على مكتبة ومطبخ خاص وزوجته تسمع الفيثارة ويبدو عليها الثراء وتضع مساحيق تجميل مختلفة.


وتخصص القرية مكانًا لألعاب الأطفال، وبازار مخصص لبيع البضائع والمنتجات المرتبطة بالفراعنة والتي تحاكي العديد من التماثيل والآثار فيما يطلق عليه “السوق الفرعوني”.


تقول مديرة إدارة العلاقات العامة بالقرية الفرعونية راندا الشيخ: تقوم القرية بدورٍ كبير منذ تأسيسها وعلى مدار العقود الماضية وحتى الآن في التعريف بالحياة المصرية القديمة، ويتوافد عليها قرابة من 2000 إلى 2500 زائر يوميًا من العديد من الجنسيات العربية والأجنبية إضافة إلى المصريين ورحلات المدارس المختلفة التي تحرص على تنظيم رحلات ثقافية إلى القرية الفرعونية ليتمكن الطلاب من معرفة تاريخ مصر القديم عن قرب ومن خلال التجسيد الحي لحياة مصر القديمة داخل القرية.


وتوضح أن القرية هي منبر ثقافي ووجهة سياحية مهمة لجميع السائحين الذين يزورون مصر، ونجحت طيلة العقود الماضية منذ تأسيسها في أن تحفظ لنفسها هذه المكانة الكبيرة بفضل مجهودات القائمين عليها والذين سعوا منذ البداية أن تكون القرية مختلفة كلية عن أي مزار سياحي وثقافي آخر، وانطلاقًا من التجديدات الدائمة التي تقوم بها القرية والتي تضيف العديد من المتاحف وتنظيم العديد من الأنشطة المختلفة والتي كان من بينها مؤخرًا “معرض السيارات القديمة”.. وسوف يتم افتتاح متحف عن الصين قريبًا.. القرية هي بوابة لكل الراغبين في التعرف على تاريخ مصر القديم والحديث أيضًا عن قرب.


أسس القرية الدكتور حسن رجب، وتولى إدارتها من بعده نجله رائد طب الأورام للأطفال بمستشفي اموري بأطلنطا الدكتور عبد السلام رجب الذي وافته المنية نهاية العام الماضي 2017 ويُصر أبناؤه (نيفين وحسن عبد السلام رجب) على استكمال مسيرة العائلة واستمرار دور القرية كمنبر ثقافي وسياحي هام، حسبما تؤكد الشيخ، والتي تشير في السياق ذاته إلى الفعاليات الفنية والثقافية المختلفة التي تنظمها القرية بحضور كبار المسؤولين والفنانين والشخصيات العامة، ومن بين تلك الفعاليات “يوم السفارات” في 27 كانون الثاني (يناير) الجاري، ومسرحية إيزيس وأوزوريس بالملابس الفرعونية والتي تعرضها القرية يوم 30 كانون الثاني (يناير) واليوم الهندي في الثاني من شباط (فبراير) والذي يتم خلاله استعراض الثقافة الهندية بشكل عام.


والعديد من الفعاليات شبه اليومية المختلفة التي تنظمها القرية على مدار العام.


نجحت “القرية الفرعونية” في أن تفرض نفسها كواحدة من أبرز المناطق السياحية التي يأتي إليها السياح من مختلف الجنسيات التي تزور مصر، وأيضًا المصريين.


فهي تجسيد حي للحياة القديمة في مصر يعكس عظمة قدماء المصريين وقدراتهم الفائقة وحضارتهم العظيمة.

مقالات ذات صلة

رأيك يهمنا شارك الان

زر الذهاب إلى الأعلى